الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

عندما يصبح لبنان فيلما إسرائيليا مزعجا

لا يمكنني أن أترجم اسم فيلم "لفانون" الى العربية لا لسبب سوى رأفة بهذا البلد الجميل المسكين الذي تركب السينما الإسرائيلية مرة أخرى على ظهره وظهر مقاومته أو مقاوماته على ألوانها لتحصد أمجادا فنية وأخلاقية مبنية على أنقاض الآخرين(وهو تخصص إسرائيلي باتت تمتاز فيه الدولة المتنورة بشتى المجالات).
فبعد "بوفور" وخدعة "فالس مع بشير" يأتي "لفانون" ليكمل ثلاثية تنظيف الأيدي والضمائر الغربية، ولكن أن تبني دولة خاصية سينماها على أسطورة شرف وأخلاقيات جيشها وتجرف بذلك أهم الجوائز العالمية والترحيب النقدي والإعلامي لثلاث سنوات متتالية فهذا ما لم يعد يطاق أبدا!
لقد ذهبت لمشاهدة "لفانون" لأعرف لماذا "تبا" فاز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا وهي الجائزة الكبرى في ثاني أهم مهرجان سينمائي عالمي بعد "كان"!
لقد استفاد مخرج الفيلم شموليك ماعوز من "الموضة" التي أطلقها من قبله "فالس مع بشير" والمتمثلة بمضغ عذابات الجندي الإسرائيلي المرهف الحس والهش نفسيا أثناء حروبا فرضها عليه المحيط المتوحش والهمجي.
ولكن ومع أن "لفانون" هو فيلم متقن فنيا ودقيق الى ابعد الحدود في استخدامه للمؤثرات وتوظيف الحاجيات المختلفة والمحيطة بالمكان المقفل (الدبابة)بحرفية تحسب له ، الا أنه يمعن بغباء وانغلاق أو ربما خبث مقصود بترسيخ الإحتكار العسكري الإسرائيلي للأخلاق في هذا الشرق "الظالم".
فوسط بحر من جثث لعرب كثيرين لا وجه ولا أسم ولا انتماء لهم(في اباحية غير مسبوقة بالسينما الحربية) يجلس اربعة جنود اسرائيليين وسيمين بشكل منفر داخل دبابة شبه معطلة ليتبارون باستعراض رهافتهم النفسية وحسهم العالي. بينما لا نشاهد البلد المحتل"لبنان" وأهله الا من خلال جثث مشوهة ومقاتلين يتخذون من المدنيين دروعا بشرية ثم يموتون ، إضافة الى عناصر مليشيات يمثلهم أشرف برهوم (لا أعرف كيف قبل هذا الدور) حيث يتفنن المخرج بتصوير همجيته وإجرامه ومكره مقابل العمق الإخلاقي المتجذر للجندي الإسرائيلي وهو يحمي الأسير السوري من مخالب الكتائبي في واحد من اكثر المشاهد المقززة التي شاهدتها في السينما(وقد شاهدت الكثير).
وطبعا لا يمكن تمرير الأمر دون "كلوز أب" تطلقه عدسة رجل إسرائيلي بعيون زرقاء (دلالة على قوى الخير) على حصان أو حمار يحتضر بفعل الحرب والقتل وأيضا على طريقة "فالس مع بشير".
ولكن من غزا لبنان؟ولماذا؟ ((who fuckinn’ care، يكفي ان جندي الإحتلال إنساني، أخلاقي ومتفهم وعيونه زرقاء أو خضراء كي نغسل ايدينا الملطخة بالعار والشك.
ولكن وبعيدا عن السخرية وبما ان الفيلم سوف يعرض في كافة انحاء أوروبا فهي فرصة ذهبية لتحويل كل عرض له وكل احتفاء به لتظاهرة واحتجاج فضائحي ضد آلة القتل الصهيونية (وأخلاقياتها) فقد نعيد الإعتبار للمخرج الإنجليزي كين لوتش المعروف بمواقفه وتظاهراته المعادية للعنصرية الإسرائيلية والذي قام عرابو السينما الإسرائيلية "بشرشحته" علانية وعلى منصة مهرجان حيفا الدولي الأخير للأفلام معلنين عن حجب إيرادات فيلمه الأخير عنه وتحويلها الى صناعة المزيد من الأفلام العبرية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق