الخميس، 15 أكتوبر 2009

من والى الفندق..

من والى الفندق...
1
إذاً وقعنا أنا وصديقتي ريري في فخ إغراءات السفر بصفقات بخسة الثمن (كل شيء نسبي حتى اللحظة) من خلال شركات اللحظة الأخيرة والتي يجب ان تكون قد وصلت الى حالة لا تطاق من قدرتك على احتمال تعقيدات حياتك ولهاثها نحو المجهول كي تقتني صفقة مثيلة وخلال دقائق من دون التحقق من ..نوعية الطائرة وتاريخ صيانتها وماهي جنسيتها ( mixwing- ما هذا؟؟أهي شركة طيران أم قناة إباحية تبث وفق مفاتيح سرية)...
أما الفندق...
ما أجمل روما ....أرض قاحلة وخراف..الكثير من الخراف غير الضالة هذه المرة..

2
تلقي بنا شركة الدقيقة التسعين إضافة الى بخلنا الفجائي أنا وريري الى اللاشيء..الى خارج خارج روما..الى ما بعد بعدها ..نقف أنا وريري على أسفلت مجنون يلتهب حينا ثم يندم ..ننتظر حافلة لا تأتي ..حافلة من المفروض أن تنقلنا الى خارج روما (لأننا أصلا خارج خارجها)...تتوافد الحافلات التي كتب على واجهتها الكترونيا وجهة نهائية هي ليست وجهتنا ...الهي ما هذا الخواء..أهذه هي روما؟؟ الساعة تقارب الثالثة ،أي مر دهر ونحن واقفون ..مر عمر..لم آت الى هنا لأقف على اسفلت خاوي أحسب ما ضاع على سطحه من عمري..جئت إجازة متضاجعة لأوقف الزمن الهادر قليلا...
لا حافلة بالأفق..لا ملمح يوصل احتمالات قرع أجراس روما المستحيلة...
لماذا تذهب الحافلات جميعها في الإتجاه المعاكس فقط، خلافا لما هو مكتوب...
تشتد الشمس...
أما روما...

3
خارج الزمان والمكان (ليس ذلك كليشها أدبيا ممجوجا) لا تصل أي حافلة ..تمر السيارات بتقاطر متعب للأعصاب ينظر سائقيها / أو أشباحها علينا ثم يمضون ...
إذا اليوم هو الجمعة والساعة تلامس الثالثة والنصف ...تقول لي ريري : ألا يشبه هنا منطقة "راسكو" في نتسيرت عيليت ؟؟أو استراحة ديمونا في الطريق الى الجنوب..الى مصر؟
ايه يا مصر؟؟
ولكي نقتل الملل ونتجاوز هول الكارثة الإيطالية هذه الذي وقعنا فيها ..نتذكر أصدقاء قدامى كانوا قد حاولوا الإلقاء بنا (هم الآخرين) في بئرهم الخاوية التي لا قاعدة لها ، ولكننا تسلقنا في اللحظة ما قبل الأخيرة وفررنا الى حقيقتنا المريحة...
الى هنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الى مكان ما قبيح محشور بين عاصمة العالم القديم وريفها المفترض..


4
"الأماكن كلها مشتاقة لك..والعيون اللي تركز فيها خيالك"...أدندن
يا ترى ماذا حدث للأم وابنها الإسرائليين الذين كانا معنا في الطائرة ونزلا في نفس الفندق؟(لدي حرص عندما أتواجد في أوروبا الا اتكلم العبرية التي اتقنها بفضائحية والا أكلم الإسرائليين وان اتنكر لهم تماما وان اشعر بالإمتعاض والقشعريرة عندما أصادفهم فجأة أو أسمع لغتهم في إحدى محطات المترو او المقاهي او شوارع المشتريات واللهو. وكأن الملايين منهم لا ينتظرونني لدى عودتي الى ارض الميعاد والموعد.. دقيقة بدقيقة ..ولحظة بلحظة)..يظهران فجأة ، نتبادل التحية تأتي الحافلة ..يسأل الفتى السائق : الى محطة القطار ؟ يصعدان ؟ نصعد ورائهما بعد سنتين ونصف من الإنتظار...
روما !!

5
روما!!
جادات، مقاهي، مطاعم بيتسا وباستا...الكثير الكثير من مطاعم البيتسا والباستا، رموز تاريخية عملاقة وحولها شوارع ومارة ، ناس جميلون، مشتريات، علينا وعلى المشتريات ،المزيد والمزيد من المشتريات..نزحف انا وريري بأكياس مشترياتنا بين الممرات المزركشة بالمزيد، نستريح هنا نتناول القهوة ، ثم البوظة ، ثم نتحدث عن منظومة علاقاتنا الشائكة أصلا ..أكثر من تشابك هذه المدينة مع عواميد ساحاتها التي تشبه القضبان الذكرية الجاهزة للإيلاج داخل قداسة السماء ..إذا.. جادات، مقاهي، مطاعم بيتسا وباستا...الكثير الكثير من مطاعم البيتسا والباستا، رموز تاريخية عملاقة وحولها شوارع ومارة ، ناس جميلون..ولكن بلا روح..وما هي الروح سوى ما نتوقعة منها؟
نعود في الليل الى محطة قطارات الأنفاق النائية خارج روما ، علينا انتظار تلك الحافلة الوهمية (نكتة الموسم) يقترب منا الشاب الإسرائيلي ، تتبعه أمه ..نمضي سويا أربعتنا نحو اللا-فندق ...لا اعرف من يسبق من..
فربما نصل..
(اكتوبر2009)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق