الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009

حواف الخطر

1
نهاية الأسبوع، طريق الناصرة-حيفا ، لا اعرف كم من السنين المتراصة قضيت على هذه الطريق
ذهابا
إيابا
محاولات حب
هروب من عبث
لا أذكر شيئا مثلا من الطريق الساحلية أو شارع عابر إسرائيل..بمعنى انني لم اشكل ذاكرة بعد هناك ...فتلك طرق دولية (توصل بين دول حدودها موصودة) ، باردة ، سريعة لا سبيل لخلق حكايات حدثت او لم تحدث فيها ، حتى التبول صعب هناك، فقد تمر شاحنة مهرولة وتسحقك وتحولك الى عجينة من الأفكار المشتهاة ..
وانا لا اريد ان اموت هكذا...

2
نهاية اسبوع
اياب
من حيفا الى الناصرة
ها انا احتفل اليوم بالذكرى الرابعة او ربما الخامسة ل.... لماذا ؟
لإمتطاء الخطر ؟ أو لتحويل المخاطرة الى واقع يومي ملموس ومعاش، أمضغ ثناياه واتماجن معه ..كل يوم..
وليس في المواسم والإجازات والسويعات المسروقة من من أكره...
//
هذه الطريق لنا ، طريقنا..تلخص ما مررنا به ، انها داخلية ، حميمة كالجنين ..تلخص ما مر بنا من لا يقين ..يحلق المرج بي..يرفعني الى أعلى ، أشرع النوافذ على آخرها...هنا بكيت، وهنا قررت الفرار، وهنا تبادلنا الحب، وهنا اردت ان القي بمن تجلس بجانبي الى مصيرها الأخلاقي...الطبيعي ..اللذيذ..هنا تعطلت العربة بي وبابي عندما اوصلني الى مساكن الطلبة لأول مرة...هنا قررت الخيانة ..والكذب..وارتكاب جريمة العيش...حول حواف الخطر...ينتهي المرج ويصفعني الكرمل..

3
أطراف نهاية اسبوع
من الناصرة الى حيفا
فلنحاول مرة أخرى :
احتفل اليوم بالذكرى السادسة والثلث لكتابتي هذه (عندما كان الخطر محدقا ..دون فائدة..فلنقل هباءً):
)حافة 1)أسقط في بئر حزنك...أو في جنة نهديكعيناك لي...مفتوحتان الآن... تودعاننيأو تمتلكان ولعي...)حافة 2)قد أسقط اليوم في غابة فنائكأو عند انفراج رحيقك..وحدتيتزعق..عند قناة مشجرة بالعذوبةوحانة دهر جريح..)حافة 3)سقطت بين حبتي مطر...في انعطافة تحت جسر... انتظر...أنا طفلك المختبىء خلف الوهمأم..مخلوق للبرد... عبدا لأبخرة تلك المدن
)حافة 4)سقطت في أحضان... طيف جسد..لم يتبق لي ما أقول..لم استطع استدعاء نفس متجدد..تعثرت في ممر من حديقة اوجاعنا...لم يتبق لي ما أبيع..
)حافة 5)نتناوب على اللعب قرب الحافة...اليوم دوري...عند ألسنة حرائق غد مستحيل... سأسقطوفي سريرنا المزين بدمى مغتربة.. سألقاك
4
بداية الأسبوع
طريق الناصرة حيفا
من طاقة بخيلة اشاهد الخطر الهارب من اختياراتي ...
آه نسيت...هنا قررت تبديل المشهد الى الأبد...ولكن الى الأبد...
وبحق هذه المرة..
أذكر الآن وأنا اتأمل هذا الكلب او الذئب المدهوس على حافة الطريق والذي يتراقص الذباب عند جزيرة أحشائه كيف انهرت باكيا في (gare du nord) ذات خريف، احتجاجا على احتمالات الموت العادي ، الممل، أو الذي لا يستوفي ثمنه ..ذاك الذي كان محدقا من كل جهة ممكنة ..موت مبتذل...لقد فضل الذئب او الكلب الإنقضاض على وعد اهم في الطرف الآخر من الطريق..ودهس محتفظا بشرف الخطر ..حيث كان سيموت على اية حال من الملل او الوحدة او الجرب ...بكافة الأحوال..في ذاك الجانب...الأول....والأخير
5
في الذكرى الرابعة..
كذاك الذئب افضل الموت عند حافة الخطر الإختياري، بدل الموت حسرة ووحدة ومللا من السير بقرب الحائط ..او من الموت بسرطان ناجم عن استنشاق زائد لمادة الهيدرو سيانيد في مختبر الإحباط ...حيث اعمل...او حيث كنت اعمل وفررت ...مدججا بالأسئلة والحيرة والخوف ..وبكل ما كان في طريق الناصرة حيفا من اسرار واكاذيب وظلم وشهوة وحقد وعلقم..ها انا افرّ مدججا بي ..بي أنا..
ايه ما الذ مرارة العلقم وعسله عند حواف الخطر...
//
أو من الموت بفعل نوبة قلبية داخل مجمع تجاري في بلدة نائية لا أعرف غيره/ها
ها انا افرّ مدججا بي ..بي أنا..
ايه ما الذ ملح الشهوة والغيرة

(نوفمبر2009)

الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

على حد الحلم..عند حد الجسد

1
يعاودني ذلك الحلم من جديد...
يدخل المعلم في بداية السنة الدراسية ...من منكم أضاع الفرصة الزئبقية فإنه سيعيد السنة وكل سنة أخرى حتى يتخرج ..ليس الطلاب في الصف أصغر مني بسنة مثلا ولا بسنتين ولا بعشر بل بعشرين سنة..
عشرون عاما مرت وأنا أضيع الفرصة كل مرة من جديد وبإقتدار مذهل ... أعود الى مقاعد الصف الثاني عشر لأعيد السنة مع معلم العبرية ذاته الذي لا يشيخ ، عشرون عاما من عدم القدرة على الفهم .فهم العبرية تلك.. وفهم أخطائي او أخطاء الآخرين أم ذلك الوقت الذي استغرقني كي أفهم ..احتمالات وإن كانت ضئلة ..كوني مختلف ربما؟؟ فلنقل خارج عن السرب (بتشبيه صحفي منمق) ..مغاير ..بمسار حياتي معين...مسار جدلي ..
يدخل المعلم الى الصف الدراسي في الحصة الأولى من الكينونة ..لا مفر..أنظر حولي بخجل ..كل هؤلاء الأولاد حولي..يرقصون حول مهرجان خسارتي..وهزيمتي النوعية..
يظهر أن هنالك ثأرا بيني وبين المدارس الثانوية وخاصة سنيها الأخيرة ..لسنين كثيرة يا سيد، لسنين كثيرة يا سيد.
يعاودني ذلك الحلم... كل مرة من جديد بفارق شهر من الحيرة بين المرة والأخرى .. بفارق أحدث بين فينة التقاط الأنفاس وأختها .. بفارق قاتل بين البرهة ودفق الكوارث والويلات القادمة التي تليها...
عندما دخل معلم اللغة العبرية في الحصة السابعة ، وطلب منا وضمن اختبار فجائي في الأدب التوراتي أن نجيب عن أسئلة حول النص التلمودي الأخير والذي قام هو بتعليمه قبل عشرين عاما /في الصيف الأخير ، استيقظت هلعا مفرغا سوائلي المختلفة على الحرير المعتق بتهاليل العمة جوليا.
2
بعد ذلك بعشرين عاما /ساعة ..
ها انا استلقي هنا في الغرفة المظلمة الا عن فعل إباحي متلفز مبتذل ...في مقر إطفائية أو شرطة أو سجن أو مرحاض..او في جلسة مجلس إدارة عملاق إقتصادي سرعان ما تتحوّل الى هرج ومرج جنسي جماعي غير بديل عن شيء بمعنى آخر "كيتش".
ايه نوفمبر ...
تتقطر العذوبة على جادة مشجرة مسحورة في نوفمبر
تتبختر الأيام ثملة من عاديتها في نوفمبر
نشيد رتابة مشبع بالحنين
في نوفمبر
أفكر: لماذا يراودني هذا الحلم كل مرة من جديد..إذا فكرت بالأمر مليا يتضح أن من كانوا "ملوك الصف" بمعنى متميزين في الدراسة والرياضة والتمثيل واجتماعيا أيضا ..أصبحوا الآن عاديين..رماديين.. حياتهم رتيبة لا تهم أحدا وقد ابتلوا بالشيخوخة المبكرة..وكأن الحياة كانت تتربص بهم لتعاقبهم على سنوات ألق طفولي ..قليلة فمنهم من انتحر ومنهم من جنّ ومن هم من مات بمرض عضال..أما معظم من كانوا باهتين في كل شيء(مثلي) ،بالدراسة واللهو والرياضة والصداقات وغيرها... أصبحوا على قدر كبير من ال...كيف أقولها ..استثارة الحياة؟؟ أو التقلب في حقول تنافرها
إذا لماذا هذا الحلم اللحوح؟؟
3
ايه نوفمبر ...
يتحطم زجاج الصدفة على جادة مشجرة مسحورة في نوفمبر
يتبختر الفرق بين السنوات والدقائق ثملا من فرط عاديته في نوفمبر
نشيد رتابة مشبع بالحنين الى وهم الحكايات
في نوفمبر

ها انا استلقي هنا في الغرفة المظلمة الا عن فعل إباحي متلفز منطقي ...
ينظر الى الرجل الطويل الأصلع الذي يعمل ممرضا في افينيون...قرب مرسيليا بعد ان كان قد لعق وجودي كله وظلَ وجودي أيضا خلال ساعتين وأكثر ..
هذه فرصتي لمداواة جرح المصير وثغراته التي لا تحصى .. غالبا بفضل سخريتي..
كالتلميذ النجيب ، خفيف الظل – ملك الصف افتح صدري وأتقدم ، أهاجم ..ولا أنسحب هذه المرة فقد تتغير قوانين حياتي المترفعة وتوازناتها المريحة ظاهريا ..لبضع ساعات أو لدهر..
ما السيئ بأفينيون؟ هنالك مهرجان شهير للمسرح هناك ...
- متى تغادر تل أبيب؟
- ....
- في أي فندق أنت؟
- ...
- ماذا تفعل غداً؟
- ....
- لم أزر جنوب فرنسا بعد ؟
- ...
- لوحدك في الفندق؟
- ....
- اعتقد أنني ...
- :
- وانا ايضا، وبشدة، ولكنني لست لوحدي هنا ، جئت مع صديق لي لنقضى أيامه الأخيره في هذه الحياة فهو مريض بالسرطان!

4
سيزورني ذات الحلم بعد هذا بأسبوعين .

(نوفمبر2009)