الثلاثاء، 25 مايو 2010

في لندن..

في لندن لا يمكنني الكتابه وفق رغبة قاريء وفيّ لي...ومتخيل..قاريء هو خليط من كل ما سمعت من إطراءات وملاحظات في حياتي معجون على شكل كائن واحد أشبه بالجان الذي يرافقني أنّى حللت وفي كل زاوية أقع فيها متورطا ..أو عاشقا
في لندن لا يمكنني الكتابة ككتابتي عن عاصمة أوروبية جميلة بمقاه حالمة وانعطافات شوارع تنزف عذوبة لا تحتمل مما يثير الغيرة والحقد الشرق الأوسطي المنكوب بمدنه الإسمنتية القبيحة التي لا ترحمها الشمس ولا الأغبرة ..
في لندن أهرب من حصار ذاك الجان الذي يرافقني ملتصقا بي حتى في أدق اللحظات حميمية و..و وحشيةَ..أهرب منه عبر الزقاقات الى الجادات العريضة وأسجن نفسي داخل حجرات تبديل الملابس ..
في لندن لا حالة نفسية محددة ...لا حالة نفسية أصلا..لا شعور يمكن إعرابه بدقة .فإذا كنت في منطقة "السيتي" تشعر أنك في مركز العالم بحق أو أنك دمية داخل لعبة ليجو هي تصغيرا حادا للندن كنت قد اشتريتها لإبني قبل هذا بشهر ..أما إذا كنت جنوب شرق النهر وأبعد فإنك قد تشعر (وبحق) بأن أحدهم طردك من العالم بأسره وسجنك داخل العدم والقى بالمفتاح في مجرى قناة المانش القريبة...
في لندن أشعر أنني كاتب فاقد للإيحاءات وبأنني سطحي وتافه...ثم يتغير ذلك فجأة في بؤرة أخرى ...
في لندن يقول لي صحفي صديق..لا تقلق! شارع أوكسفورد قريب.. قريب جدا من هنا ونايت بريدج أقرب أما ساوث كينسنجتون فهو أقرب وأقرب...إذا لماذا أشعر أن كل شيء بعيد..بعيد وغير متاح (حسيا على الأقل ) الى هذه الدرجة ...
في لندن ...أصل الى استنتاج خطير وحاسم وطالما تجاهلته ..أو كنسته تحت السجادة كما تقول الأمثال السامية ..فأنا مدمن على شراء الملابس والأحذية ...نقطة.
في لندن..تبا لتلك الحوانيت التي تقفل في السابعة والنصف مساء (عز الظهر) أضطر في جلسة مثقفين هامة أن أخترع كذبة ... آسف لدي لقاء آخر ذا طابع ثقافي سري وفي الطرف الشرقي من المدينة ..أخرج مبكرا وأهرول الى الحوانيت الحبيبة لأضاجعها بقوة..ثم أنتشي..
في لندن..(ليس كما في باريس) لا يسألك أحد من أين أتيت ..يظهر أن الجميع غرباء...
في لندن تصبح الناصرة طاولة في بار أو مطعم في حي ترندي-trendy أعيد اكتشافه من جديد بواسطة الشبان الباحثين أبدا عن زاوية جديدة أو ناحية منسية يمكنها ان تتحول الى ركن ابداعي وأزيائي في المدينة العظمى..
في لندن يمكنك ان تستعير كل رقعة ترغب وتحولها الى أية إحداثية أخرى بحيث تفقد شعورك بالمكان الأصلي بعد حين..نجتمع ثلاثة نصراويين على طاولة (يا للكارثة)..نستعرض الأسماء والفضائح التي لا تبخل بها علينا أبدا المدينة الصغيرة: من تزوج من؟ من تطلق؟ من خان من؟ من خانت من؟ ماذا حدث لذاك وماذا حل بتلك..من مات ..من يحتضر..من أصيب بالسرطان..من ضبطت زوجها مع أختها..من تحول جذريا منذ أيام المدرسة وأصبح أهم..من ذبل منهجيا منذ أيام المدرسة بحيث أصبح شبحا..من أجرى جراحة لتحويل الجنس؟.. ثم عن الزيجات المختلطة، وجرائم القتل الأخيرة وعن تلك التي سافرت الى الولايات المتحدة وعادت بعدها بعامين تحمل طفلا على كتفها ..تدعي أن أباه مات ..وعن طبقتنا الآخذه بالتآكل والهرم وعن المدرسة قبل عشرين عاما وأكثر ... عشرون عاما..يا الهي الى هذه الدرجة ..كبرنا!
في لندن التقي بكتاب وصحفيين وشعراء ومفكرين عرب في الصحف ومحطات التلفزة ومقاهي إدجوار رود...هنالك هالة غريبة على رؤوسهم لا يمكن تفكيك مكوناتها ..هالة عجيبة لا يمكنني شرح ملامحها..ببساطة..
في لندن أسأل كل شخص عربي ألتقيه (شبه مازحا) إن كان من حزب الله ويسعى من خلال لقائنا هذا الى تجنيدي!!
أيار2010

الاثنين، 10 مايو 2010

تشلينوف أو تشيلنوف צֶ'לנוב או צְ'לֵנוב

أمر كل صباح عبر ثكنة تشيلنوف
أو كما يصححني أصدقائي ويقولون تشلينوف
Whatever
يقف هناك رجال كثيرون لونهم أسود
يؤشرون لي بأيديهم وعيونهم كي أقف
أبطيء من هرولة عربتي
....
فأنا الرجل الأبيض هذه المرة
ولي سيارة فارهة عائلية عمرها
ثلاث سنوات ونيف...
رجل أبيض بتطلعات طبقية إكزوتيكية...
يؤشر لي رجلان...
مشهد افتتاحي رائع لفيلم إباحي

أبطيء من عربتي أكثر...
فأنا كنت سيد هذه البلاد...أو هكذا يقولون
وفي تشيلنوف أو تشلينوف
كانت قرية عربية تدعى... Whatever
وكان جد جدي يشغل العمال من حوران
في معمل تبغه الذي دمر...
أو هكذا يقولون
مشهد افتتاحي رائع لفيلم تاريخي بديل
أوقف السيارة..
أزيل نظارتي الشمسية...
تصفعني الشمس
وأفكار مزعجة أخرى
...ثم أنطلق
فغزة لا تزال بلا كهرباء
وقانون العودة ما زال يسري
أما حق العودة..فلا
أو هكذا يقولون...
Whatever
فهذا مشهد ختامي رائع لفيلم مهرجانات أوروبية قصير
أيار2010
כל בוקר אני עובר דרך מובלעת צֶ'לנוב
או כמו שחבריי מתקנים אותי, צְ'לֵנוב
Whatever
עומדים שם גברים רבים, צבעם שחור
בידיהם ובעיניהם מסמנים לי לעצור
אני מאט קצת את יהירותה של מכוניתי

כי הפעם אני הוא הגבר הלבן
ויש לי מכונית מפוארת בת שלוש
שנים וקצת
אני הגבר הלבן בעל הראייה המעמדית-אקזוטית
שני שחורים מסמנים לי...
סצנת פתיחה מדהימה לסרט פורנו
אני מאט יותר את מכוניתי

אני הייתי אדון הארץ הזו...או ככה אומרים
ובצֶ'לנוב או בצְ'לֵנוב
היה כפר ערבי שקראו לו... Whatever
וסבא-רבא העסיק פועלים מחוראן
במפעל ה-TOBACCO שנהרס
או ככה אומרים
סצנת פתיחה מדהימה לסרט היסטוריה אלטרנטיבי


עוצר אני את המכונית
מסיר את משקפי השמש
השמש סוטרת לי
סוטרים רעיונות מעיקים אחרים

אני ממשיך לנסוע
כי עזה עדיין בלי חשמל
וחוק השבות בתוקף
וזכות השיבה לא
או ככה אומרים
Whatever
וזאת כבר סצנת סיום מדהימה לסרט קצר של פסטיבלים אירופאים

מאי 2010

الثلاثاء، 4 مايو 2010

حيّز

1
استلق بقربي على الفراش.. نتدحرج حول الغطاء... نتلوّى، نفرشه بساطاً.. نجمعه نخلة تظللنا... نلعق رتابة عصرونة حارّة ينتجها حبل نور دقيق يتسلل من شرخ في النافذة الخشبية القديمة حيث تتساقط أجزاء من طلائها الجاف المهترىء على رؤوس اليمام وأطرافه.بقربي حيز اكتشفته الآن أغلقت التلفاز بعد نهاية الفيلم الشعري الجميل وعبرت على الصور الفوتوغرافية للعام قبل الأخير. للمرة الألف وقرأت مسودة رسالة مشوهة كتبت لغزال تحولت الى نثرية نشرت قبل ثلاثة أعوام.. ثم تناولت قهوتي المطعمة بالفل والتبغ ورائحة بيت تذوب حوافه الأخيرة أمامي الآن...ثم تمددت على سرير الطفولة.. واكتشفت حيزاً يحتمي بأقمشة رطبة تتعرق وفرشة استطالت عليها السنون... بين الفرار والعودة واللجوء ... وها أنا قد أقفلت التلفاز على حب ينتهي ببطء قاتل.. وأنهيت جميع حروبي. بقربي حيّز اكتشفته الآن..استلق بقربي نتبادل الصمت وتعرقنا وحرارة جلدنا والأنفاس...أنفاسنا صلوات تتمازج تحلّق فوقنا بقليل وتبقى... أنفاسنا المتمازجة تختتم يوماً آخر عقيماً.. يوم.. أيام.. كثيرة..أناس تركوا..أناس ألقينا بهم.. أناس انصهروا في سوء فهم.. أناس صاروا أهم وآخرون تديّنوا وآخرون اختفوا وآخرون تغيروا أو نفذ لديهم الكلام.. حب ينتهي... ووهم يبدأ.. حب.. وهم.. ديدان تصير فراشات والفراشات تحترق تلو الأخرى ومسحوقها الفيروزي يتناثر علينا الآن ويخترق صلوات أنفاسنا.. ويتشكل في العتمة طيف لطفل يعدو.. الى الخلاص

2
في العربة التي تهرول بي في العتمة اكتشفت الآن حيزاً..حب أو لا حب..عشق.. وله.. تعوّد.. عناقأريد أن أتوقف وأعانق حباً.. عند تلك الزاوية المخضرمة..الحاجة المترقرقة كالدموع والعيون تبحث في ليلة مضاءة بحنين قد يكون هاوية...آه من تلك الحياة التي فاجأتني بالأمس.. الحوار الضاحك المر..والسير والسير فالسير والشرب والصمت والسجائر والقهوة والرقص والأنحناء والتمدد والتمزق والتجمع والغيرة والحب والحقد والشوق والاشتياق والرهبة..»وثلاثون الف عام انتظرنا كي نتطارح وهج الحقيقة
آه من تلك الحياة التي هاتفتني بالأمس..استلقي بقربي نتحاور عيونا...أنفاسنا تعاويذ خافتة تتسرب فوقنا بقليل وتبقى..أنفاسنا المتماجنة تختتم يوماً مداهما وحيرة.. أيام كثيرة... أناس اختفوا.. وها هم ظهروا .. كانوا يشغلون الحيّز طوال الوقت..جسد الحنين هاوية....
2003