الثلاثاء، 4 مايو 2010

حيّز

1
استلق بقربي على الفراش.. نتدحرج حول الغطاء... نتلوّى، نفرشه بساطاً.. نجمعه نخلة تظللنا... نلعق رتابة عصرونة حارّة ينتجها حبل نور دقيق يتسلل من شرخ في النافذة الخشبية القديمة حيث تتساقط أجزاء من طلائها الجاف المهترىء على رؤوس اليمام وأطرافه.بقربي حيز اكتشفته الآن أغلقت التلفاز بعد نهاية الفيلم الشعري الجميل وعبرت على الصور الفوتوغرافية للعام قبل الأخير. للمرة الألف وقرأت مسودة رسالة مشوهة كتبت لغزال تحولت الى نثرية نشرت قبل ثلاثة أعوام.. ثم تناولت قهوتي المطعمة بالفل والتبغ ورائحة بيت تذوب حوافه الأخيرة أمامي الآن...ثم تمددت على سرير الطفولة.. واكتشفت حيزاً يحتمي بأقمشة رطبة تتعرق وفرشة استطالت عليها السنون... بين الفرار والعودة واللجوء ... وها أنا قد أقفلت التلفاز على حب ينتهي ببطء قاتل.. وأنهيت جميع حروبي. بقربي حيّز اكتشفته الآن..استلق بقربي نتبادل الصمت وتعرقنا وحرارة جلدنا والأنفاس...أنفاسنا صلوات تتمازج تحلّق فوقنا بقليل وتبقى... أنفاسنا المتمازجة تختتم يوماً آخر عقيماً.. يوم.. أيام.. كثيرة..أناس تركوا..أناس ألقينا بهم.. أناس انصهروا في سوء فهم.. أناس صاروا أهم وآخرون تديّنوا وآخرون اختفوا وآخرون تغيروا أو نفذ لديهم الكلام.. حب ينتهي... ووهم يبدأ.. حب.. وهم.. ديدان تصير فراشات والفراشات تحترق تلو الأخرى ومسحوقها الفيروزي يتناثر علينا الآن ويخترق صلوات أنفاسنا.. ويتشكل في العتمة طيف لطفل يعدو.. الى الخلاص

2
في العربة التي تهرول بي في العتمة اكتشفت الآن حيزاً..حب أو لا حب..عشق.. وله.. تعوّد.. عناقأريد أن أتوقف وأعانق حباً.. عند تلك الزاوية المخضرمة..الحاجة المترقرقة كالدموع والعيون تبحث في ليلة مضاءة بحنين قد يكون هاوية...آه من تلك الحياة التي فاجأتني بالأمس.. الحوار الضاحك المر..والسير والسير فالسير والشرب والصمت والسجائر والقهوة والرقص والأنحناء والتمدد والتمزق والتجمع والغيرة والحب والحقد والشوق والاشتياق والرهبة..»وثلاثون الف عام انتظرنا كي نتطارح وهج الحقيقة
آه من تلك الحياة التي هاتفتني بالأمس..استلقي بقربي نتحاور عيونا...أنفاسنا تعاويذ خافتة تتسرب فوقنا بقليل وتبقى..أنفاسنا المتماجنة تختتم يوماً مداهما وحيرة.. أيام كثيرة... أناس اختفوا.. وها هم ظهروا .. كانوا يشغلون الحيّز طوال الوقت..جسد الحنين هاوية....
2003

هناك تعليق واحد: