الأربعاء، 27 يناير 2010

الحب في زمن H1N1

- حتى عندما تتكلم هنالك صمت في كلماتك..
يا للصفعة ، الى هذه الدرجة باتت كلماتي مجبولة بالقلق والذعر ..بالخوف؟ تمضي في الشارع معتقدا أنك تنشر الثقة واليقين والطمأنينة على من هم حولك وعلى من ينبش بحاوية الزبالة في طريق سلمة ويبحث فيها عن حطام أيامه ... وعلى من يجلس قبالتك في المقهى وهو يرقبك يائسا وكأنه يقول...لا أفهم...لا أفهمك ولن أفهم ما ستقوله الآن...
ويكمل...
- ولكنك تتحول فجأة الى بعيد..بعيد جدا..بعد قاتل ذاك...يا لجبروتك هذا..
- كيف تراني من بعد كهذا؟
- لا أراك ..أكتفي بالفكرة ..وبشكل عيون كنت قد ادخرتها ببطء وعلى مهل في ذاكرتي المشوهة ضمنا ...
- آه عيوني..عيوني الخائرة تلك، إذا دمجتها مع أثر شعري الكث، المنكوش والعصي على التسريح فالنتيجة قاتلة وصعبة للغاية...

- لكنك..

- لحظة ، هذا غير شعوري العام بالوهن وبأنني مقبل على الإصابة بالحمى المميتة...

- مرة أخرى..ولكنك قلت لي ذلك بالأمس وقبل ثلاثة ايام وقبل أسبوع وقبل شهر..لم أعد أفهمك ولن أفهم ما ستقوله الآن..

- أنظر حولك..أنظر ..الحمى تملأ البلاد ، يتقيأ الناس في الشارع ...تسد مخلفات الإسهال إسفلت الزقاقات ، تمتليء الطرقات بجثث الكلاب التي نهشتها الفيروسات ...لم أعد أقوى على تحمل أنفاس البشر أمامي ..لم أعد..يا الهي .صرت اخاف ان أقيس حرارتي .الا ترى كيف اتعرق بجنون ..

- ولكنك بعيد، ولا تنصت وتخاف ان يلامسوك ..كل هذا مجازيا أيضا...

- وماذا عن الفيروسات التي تحاصرنا، ألا تشتم رائحة القمامة، رائحة الفيروسات المحتفلة بنصرها المجلجل على البشرية ...

"الصمت الساكن في كلماتي..وذلك الجسد الآخذ بالذبول والتساقط قطعة تلو الأخرى وها أنا أتساقط معه بعذوبة ..ما أرق الطريق الى الموت ...كل ذاك النقاء" (من أقوال دراما كوين)....

- لا علاقة بين كل ذلك وبين كونك بارد وبعيد وتسمع ما يقال لك وتعالجه في دماغك بطريقة عجيبة ثم تأتي ردة الفعل على الجملة...اي جملة...كل جملة ...بشكل انتقائي مصطنع وعام جدا ولا يتناسب بتاتا ولا يلاءم الجملة الابتدائية ، أو الموضوع ...أو حتى تكتكة الألغام في الكلمات ...أبحث في عينيك أبحث وأبحث ولا أجد سوى غابة من ال...العبث...أوووف
- -للب.......
- لحظة!! أكاد أجن ...
- إنتظر قليلا..لدي قشعريرة ..يبدو أن ذاك الأمر يقترب...
- يبدو ان لدي بندقية

أمضى مع الفيروسات الفتاكة ، لم اعد استطيع تجاهلها ، أحيا معها ، أتنفسها ..أصلا تجاهلها يعتبر مهزلة غير مسؤولة..بالأمس انتابني صداع فتاك وحرارة خفيفة حاولت تجاوز ال37 والنصف ثم ندمت ، تعرقت كالفقماء طوال الليل وقبل ذلك بأسبوع لم انم من الم الحلق الذي أصبح كذبة خلال ساعتين، لقد غاب ألم الحلق وتبقيت مع أثار الأرق طوال 24 ساعة ..فلم استيقظ بعدها بيومين ..لم أقم من الفراش ووصلت الى العمل منبوش الرأس غير حليق وكما نقول بالشوارعية الفلسطينية "زي الغولة اللي ماكلة ولادها" فشربت قهوة حلمت بها كل الطريق في الحافلة المحشوة بالفيروسات والشبق الأفريقي والروسيات الأرقات الحائرات ..ثم تناولت سيجارة أولى لم أكف من وقتها عن السعال ..وها أنا أشعر بقشعريرة من جديد.. زكام، سعال، تعرق، قشعريرة، غثيان، نعاس، أرق، صداع نابع عن أرق، صداع نابع عن احتباس ، صداع ينفلت من مسألة، عيون غائرة، عيون منتفخة، عيون كانت فاجرة ،...عيون ذابلة في زمن الفيروسات الحزينة..

حتى عندما تتكلم هنالك رغبة بين شفتي..شفتي التي لم يرطبها لعاب غريب منذ دهر ..ولكنني أمضي بين الأسلاك الشائكة للمسألة! لتلك الحسابات الصغيرة ، الخائفة، القلقة الهلعة ..حسابات الوسطيين
ماذا لو؟؟ماذا سيحدث لو ترطبت شفتي بلعاب يحمل...
ماذا سيحدث لو تعمد جسدي بلعاب يحمل ما يحمل من حب و...
ماذا لو؟

-لا شيء، لا شيء يحدث اصلا كي يتغير ويصبح شيئا جديدا !

يناير 2010

الخميس، 7 يناير 2010

شبق.كوم

الأيام الأولى من السنة ...أشعر بشبق غريب وعميق ...نحو كل ما يمر بقربي ومن ناحيتي...
شبق قاهر وأصيل لا يمكن وصفه بشيء ولن تحلله أي جلسة استمناء الى عوامله ولا حتى الى أشلائه ...ولكنها (بربك) ، الأيام الأولى من العام والعقد ..وختام العقد ال(..) من حياتك...بربك...
شبق إذا...شبق عميق نقي مقطر بعناية...أنا...
شبق جنسي حيواني عنيف...لا هو شبق للحياة، أو الحب، او العطاء أو الانتظار ولا هو شبق للتطور المهني أو الاجتماعي او الشخصي، إنه شبق للجسد..كل جسد يمر الآن يتحول في رأسي الى مستودع هام لسوائل الشهوة وعسلها وحليبها ...وبما اننا في بلاد الحليب والعسل..فإنها تستخرج في حالات الشبق فقط من الأجساد المعشوقة الملتهمة المشتهاة التي لا تحمل وجوها ولا لغات ولا إحداثيات اولية..لا وجود للأماكن عند الشبق ولا للتوقيت معنى ولا يختلف رأس السنة عن مؤخرتها ولا عن عانتها ...وما احداثيات هذا البلد سوى التقاء سائلين : حليب كدلالة على (x) وعسل كدلالة على (y) وعلى كل واحد ان يشكل الإحداثية الثالثة ((zعلى هواه ...z بالنسبة لي اليوم هو بعد معجون بالفجور والعهر والجنون ...أما بالنسبة للرجل الإسرائيلي الهرم الذي يجلس بجانبي في سيارة الأجرة المتجهة من شمال شرق تل ابيب الى أعماق البحر في جنوب غرب يافا فإن البعد الثالث ((z..هو وهم لنقل ..أو ربما كذبة كبيرة وتاريخية أصبحت نكته ولكنها أحيانا تلامس الحقيقة وتندم...
يقول...
" أحسدك على كونك تبدع، تكتب وتفكر وتتواصل بالعربية مع المحيط العربي الطبيعي لهذا الشرق، أشعر أنني مخلوق إفتراضي ...وأن كل هذا الوجود وهمي...(الغريب أنني كثيرا ما اشعر انا أيضا أن هذه البقعة هي مكان غير واقعي ولا يتواجد بالحقيقة)..وان هذه المدينة من اولها الى آخرها وهمية وهي كذبة كبيرة وأنك بمجرد مغادرتها بالطائرة فإنها تتلاشى وتتفتت وتحل محلها المدينة الطبيعية التي من المفروض ان تتواجد وفقا للمنطق الأخلاقي للأمور..وهكذا، فعندما تقترب منها بالطائرة ايضا فهي تتنبه لقرب هبوطك وتتشكل وتتكثف وتتكوم بسرعة خوفا منك ومن وجودك الإفتراضي...هي الأخرى مدينة افتراضية ..لا تتواجد الا عبر صفحات الفيسبوك وسيناريوهات الأفلام المصرية التي تدور حول الجاسوسية ، أحسدك على كونك تبدع..."...
أصمت ثم اتمتم...
هذا لا يعنيني بشيء الآن ولا أفهم ما تقول ...لا أفهم شيئا مما تقول.حتى مؤخرة جدتي لن تهتز مما قلت الآن..أنا شبق..بي شبق مقطر عظيم...ولدي استعداد أن أماجن كافة قيادات الأركان المجيشة خاصتكم، سويا وفردا تلو الآخر... بإستلقاءً ووقوفا وبالمقلوب ومن بين الأطراف المترامية للرغبة..
***
تصلني رسالة يبدو ان من أرسلها، ينسخ صيغتها ذاتها كل سنة ، لضيق الوقت! او لضيق الأفق..أو لتحجر الرؤية عند حدود سنة معينة انهكها الإبتذال ومص دمائها...1993 ربما! "أتمنى للجميع سنة جديدة مليئة بالصحة والسعادة وتحقيق الأحلام، وأن يعم السلام في بلادنا الحبيبة وأن تقام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الى جانب دولة إسرائيل وأن..."
يحرق لهيب شبقي ونار جسدي الكلمات ..مبقيا على الصراع الإسرا– فلسطيني الى الأبد...تحرق ناري احتمالات الدولتين والدولة العلمانية الواحدة..والدويلات الكونفدرالية، وكيانات الأبرتهايد ، وأرض الزيتون واللوز الخارج عن موسمه...والبرتقال الخالي من السكر بسبب شح الفراش...
ما احداثيات هذا البلد سوى التقاء سائلين : حليب كدلالة على (x) وعسل كدلالة على (y) وعلى كل واحد ان يشكل الإحداثية الثالثة ((zعلى هواه ...أما الإحداثية الثالثة(z) لصاحب/ة الرسالة فهي غيوم مشبعة بالمرارة والديدان...
***
تداهمني في عز شبقي المنزوع رسالة عبر كتاب الوجوه...بالأحرى هي ليست رسالة بل فلنقل –تعديل حالة؟ تعديل مرسل لكل العالم وكأنه سينتفض حزنا..."كل سنة والجميع بخير وانشاللة يا رب السنة الجاي متل هلأ بقضي العيد بفلسطين وبين اهلي بالمجدل"...
يا للحب الفلسطيني المبتذل هذا...لن أجد ما يمليء هاوية الشبق الفاغرة هذه بقدر ما لن تعود يا رفيقي الى قريتك الممحية..لا توجد قرية كهذه وحتى إن وجدت بعض الأحجار الباقية ..فهذا لا يقول شيئا لأن لا حانة في هذه الحجارة ولا حتى مقهى ولا رصيف تغتسل فيه حبيبتك بالعسل العكر...لا يوجد شيء يا عزيزي... لا يوجد شيء.ولا أهل هناك.. بل انه بحجم شبق روحي وخذلانها المترتب عن العدم ستضاف طبقة جديدة من غياب قريتك..ولن يحدث شيء بعد اليوم بعام ..لن يحدث شيء..
بي شبق عميق نقي مقطر بعناية... وما احداثيات هذا البلد سوى التقاء سائلين..أما احداثيتك الثالثة يا رفيق وأعني z فهي قطعة سماء مرصعة بالنوار القديم المسحور ..المجبول بشبق الوجود الطري...
آسف...

كانون2- يناير 2010