1
ندخل الى الحافلة، يجلس كل واحد منا في مكانه الحتمي...لا يجلس أمريء قرب رفيقه أو رفيقته بمقاعد زوجية ...فالمقاعد الزوجية في الحافلات معدة لمن نسوا كيف تبدو الصور من عين واحدة ووحيدة بينما تمتلئ العين الأخرى بالتراب والديدان ورماد من ماتوا...لقد نسوا ...تستقبلنا الحافلة كملف الوورد الجائع لنص ينكحه..
ثمة رائحة في الحافلات تشعرني بالغثيان الدائم: انتظروا يا جماعة فقد أتقيأ في كل لحظة!
قد أجلس في أول الحافة كالأولاد الشاطرين المؤدبين ..في طريقهم المتعرجة نحو رحلة مدرسية يطغى عليها صوت الجالسين في المؤخرة..وما أدراك ما يحدث في الخلف..سمعت مرة أن الأولاد يمضون في عرض ما أصبحوا يملكونه حتى اللحظة..لحظتها.. ومقارنة أحجام قضبانهم وجمع محصلة شعيرات العانة التي ازدادت ما بين الرحلتين..تتعاظم وحدة الأولاد الشاطرين المؤدبين أضعافا وأضعافا فيما يلي الرحلة المدرسية..
2
ثمة رائحة في الحافلات تشعرني بالغثيان الدائم: قد تكون رائحة المكيف الغريبة الحامضية قليلا..أو ربما القاعدية ..لا أعرف، أنستني تعرجات الوهم ...دروس الكيمياء..
انتظروا يا جماعة فقد أتقيأ في كل لحظة!
فلا تلبث هذه الحافة أن تمتطي مطبًا وتتركه حتى تركب مطبا آخرا ...وهكذا دواليك..
قد أقفز من الحافلة الآن كالأولاد المشوشين حسيًا ..في طريقهم المتعرجة نحو منامات لا تتحقق مرةً، يطغى عليها زعيق العجز..وما أدراك ما هو العجز..سمعت مرة أن الصبيان يمضون في استعراض ما أصبحوا يعرفونه حتى اللحظة. ..لحظتها.ومقارنة كل ما تعلموه وسمعوه وشاهدوه ومارسوه وجمع محصلة أوراق الربيع التي تكومت بين المنامين..وقسمتها على يقظة عيونهم...يزداد جنون الأولاد المشوشين حسيا أضعافا وأضعافا في الصباح الذي يلي المنام المستحيل..
3
ندخل الى الحافلة، يجلس كل واحد منا في مكانه الحتمي...لا يجلس أمريء قرب رفيقه أو رفيقته بمقاعد زوجية...
ثمة رائحة في الحافلات تشعرني بالغثيان الدائم: انتظروا يا جماعة فقد أتقيأ في كل لحظة!
دعونا لا نتحدث عن المواضيع الكبرى في الحافلة ..فالدوار الذي يحتل رأسي جراء الطرق الجبلية المتعرجة الجميلة والساحرة(مؤخرتي تسحر البعض أكثر) يكاد بفتك بمسامات دماغي الباقية ...ولايترك أي حيز للنقاش..أو ترتيب الأفكار وجعلها تتساقط كأحجار الدومينو..لنتحدث عن أمورنا الصغيرة..اليومية..دعونا من مصر وليبيا وتونس وفلسطين والحاجز والتوزيع العادل لمقدرات العالم بين الأغنياء والفقراء..لنبحث أمورنا الصغيرة..على أن يحافظ كل منا على مقعد شاغر قربه..
4
فالمقاعد الزوجية في الحافلات معدة لمن نسوا كيف تبدو الصور من عين واحدة ووحيدة بينما تمتلئ العين الأخرى بالتراب والديدان ورماد من ماتوا..
تستقبلنا الحافلة كملف الوورد الجائع لنص ينكحه..
ثمة رائحة في الحافلات تشعرني بالغثيان الدائم: فلنتحدث عن أمور صغيرة ونترك الأمور الكبيرة لطريق واسعة بسبع حارات...
يسود صمت قصير ثم ينطلق صوت مبادر من الواضح أنه التزم بالبند الوحيد في الاتفاقية:يا جماعة..لقد اكتشفت بالأمس أنه بالإمكان طهي الأرز من دون استخدام أي نوع من الزيوت...ثم يقاطعه صوت متكسر مهشم... لم أنم منذ ثلاثة أيام متواصلة..يسمون هذا في أيامنا العجيبة هذه "اكتئاب" ...يتسلل صوت من الخلف ..من مقعد يبدو فارغا..عندما نظرت صباحا بالمرآة كان وقع الكذبة الكبرى لا يزال موصوما على وجنتي عند موقع الوسادة الأخيرة...كل ما قلته اليوم كان كذبا ...مجموعة من الكذبات المتكدسة التي تم إضافتها إلى الجحيم البشري هذا..الجملة الصحيحة الوحيدة التي سأقولها : أنني كنت أود أن أدس السم في القهوة الصباحية لساكني حيزي الضئيل للناقمين على حيرتي.. ثم الإلقاء بجثثهم في البحر..والهروب فوراً ..أو الانتظار..لا أعرف فقيد نسيت دروس الجغرافيا..يصدح صوتا من بين فراغات نوافذ الطل ..وكيف تحبذ قهوتك الصباحية؟
الأربعاء، 16 مارس 2011
الأحد، 5 ديسمبر 2010
صندوق المرضى
1
كانت أمي تصحبني كل مرة من جديد الى صندوق المرضى في ديانا في الشارع الذي اكتشفت لاحقا أن أسمه "الوادي الجواني" ...(لا أعرف من أطلق هذا الأسم عليه) أما رائحة الكعك بسمسم عند مطلع الدرج فكانت كأنها تبكي على "العرب المتدحرجين من الأندلس"...
2
كانت أمي تصحبني الى صندوق المرضى في ديانا كل مرة من جديد ، كنا ندخل هناك متجاوزين رائحة الكعك الأنف الذكر ورائحة الزعتر الغريب ...لم أفهم مرة لماذا يختلف الزعتر الذي يباع مع الكعكة الحلقية المسمسمة عن ذاك المتوفر في البيت (كنت مدمنا على الزعتر والبطاطا المقلية)..فزعتر صندوق المرضى دقيق وناعم جدا ومليء بالملح ولونه بني فاتح أشبه بالخراء...
3
كانت أمي تصحبني الى صندوق المرضى في ديانا كل مرة من جديد، مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة ...كل مرة مع ذات الإجابة المعدومة أنفاسها ...كنت اتلوى بالبيت من أوجاع البطن والخاصرة والصدر ثم اشق الطريق من بيتنا في حي اسبنيولي القريب الى ديانا ونصعد نفس درجات السمسم والزعتر ثم أشاهد الممرضة المخيفة بنظارات كعب القنينة وأسأل نفسي لماذا أعيش ؟ ثم أتذكر أن ثمة حلقة معادة من "حارة أبو عواد" بطولة نجمتي المفضلة آنذاك "عبير عيسى" ... مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة..وهذا ما يسمونه في قواميس أيامنا هذه ...العجز...وفي تلك الأيام بداية "الكفر"..
4
العجز وابو عواد وعبير عيسى وحمام الهنا و"بربار نحماد" و"بيت فيستوك"...عن أي عجز أتحدث ..كنت أصاب بالحمى* والآلام المبرحة كل أسبوعين ونصف وكنت استيقظ باكرا مع الوجع فيقرر والداي انني سأبقى في البيت ذلك اليوم أيضا..ولم يكونوا بحاجة لكثير من المبررات لذلك...فقد كنت أتوجع بحق..كنت أتناول الحليب وقرشلة حماد ثم أتقيأهما مجبولين ببعض ثم أقضم خبزا عربيا وجبنة صفراء وأتقيأهما هم أيضا ثم ينتهي كل شيء عند حافة الزيت والزعتر والخبز الإفرنجي المحمص...ثم تلك النزهة اليومية مع الكلب المتخيل الى صندوق المرضى حيث السمسم والزعتر والممرضة المرعبة ... مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة...عن أي عجز أتحدث..
5
مع أنني كنت أكره المدرسة كرها أسودا لا زال يطاردني في الأحلام حتى الآن... إلا أن الشعور بأنني في عز الظهيرة كنت أطارد مع أمي ذلك الكائن الذي يدعى "لا إجابة" شكل جانبا من منظومة مخاوفي المتشابكة ..قرب سريري لا يوجد أولاد فهم في المدرسة..في نزلة إدمون شحادة لا يوجد أولاد لأنهم في المدرسة في بولس السادس لا أولاد فهم في المدرسة ..في الوادي الجواني لا أولاد لأنهم وراء أسوار المدرسة الإعدادية الجماهيرية الدمقراطية على أطراف الشارع..فهم في المدرسة وانت لا ..ولكنك تكره المدرسة تكرها كره "العمى" وتنتظر أن تكبر وتصبح كاتبا مشهورا يعيش في المدينة الكبرى ويضاجع كل شيء حوله ويسافر ويسكر ويسهر ويلبس ويأكل السوشي والتاباس ويعرف الفرق بين البيسترو والبراسيري ...إذا لماذا هذا الشعور الجارف بالعجز...أكره الكحول أيضا...
6
العجز..وما هو العجز ...أهو ذلك الشعور بالإقصاء...جميع الأولاد بالمدرسة وأنا عند درج السمسم والزعتر مع أنني أكره المدرسة...أم هو ذلك الشعور بالخيبة من العيش ..بمعنى آخر عندما كنا نخرج من هناك دون إجابة...
7
صرت اصطحب امي كل ظهيرة أحد الى صندوق المرضى ذاته بعد مئة سنة بعد أن أصبح الباب كهربائيا ..غاب بائع الكعك بسمسم عن دوامه الزعتري اليوم..يوم قائظ في قلب الشتاء... انتظر المطر في عربتي الفارهة ..أراقب عبر الزجاج... يدخل الناس الذين غادرتهم ثم يعودون بعدها دون تعابير دراماتيكية تذكر...لا يخرج أحد من صندوق المرضى وهو ثائر أو يبكي او يلطم او يلقي بنفسه تحت عجلات باص البلد الأبيض والأخضر...هذه المرأة مقيمة في كوخ ديلوكس في صندوق المرضى منذ مئات السنين وهذا الرجل..لا غير معقول ..لماذا تغير الى هذا الحد إنه زميلي من مقاعد الدراسة الإبتدائية (هذا عندما كنت اذهب أصلا) اصبح بشعر أبيض خفيف جدا وبدن هزيل بكرش لا تنتمي ابدا للجسد المعلقة علية ...معصم نحيل ..بنطلون جينز مهتريء قميص "بولو" مزيف لم يغسل منذ دهور..صندل مقشر ..عيون ميتة ..كان لا يغيب ابدا عن المدرسة..يصعد صاحب الصندل الدرج ..لا يبحث عن بائع السمسم والزعتر ...تبتلعه الأبواب الكهربائية...يدخل الناس ويخرجون بلا إجابات ...هذا ما كنت اهرب منه منذ دهر..افتح باب عربتي ..اخرج منها...لقد أصبحت قريبا جدا!!
*ملاحظة: مع نهاية مرحلة المراهقة شخص الأطباء الحالة على انها "حمى البحر الأبيض المتوسط" المعروفة ب-FMF.
كانت أمي تصحبني كل مرة من جديد الى صندوق المرضى في ديانا في الشارع الذي اكتشفت لاحقا أن أسمه "الوادي الجواني" ...(لا أعرف من أطلق هذا الأسم عليه) أما رائحة الكعك بسمسم عند مطلع الدرج فكانت كأنها تبكي على "العرب المتدحرجين من الأندلس"...
2
كانت أمي تصحبني الى صندوق المرضى في ديانا كل مرة من جديد ، كنا ندخل هناك متجاوزين رائحة الكعك الأنف الذكر ورائحة الزعتر الغريب ...لم أفهم مرة لماذا يختلف الزعتر الذي يباع مع الكعكة الحلقية المسمسمة عن ذاك المتوفر في البيت (كنت مدمنا على الزعتر والبطاطا المقلية)..فزعتر صندوق المرضى دقيق وناعم جدا ومليء بالملح ولونه بني فاتح أشبه بالخراء...
3
كانت أمي تصحبني الى صندوق المرضى في ديانا كل مرة من جديد، مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة ...كل مرة مع ذات الإجابة المعدومة أنفاسها ...كنت اتلوى بالبيت من أوجاع البطن والخاصرة والصدر ثم اشق الطريق من بيتنا في حي اسبنيولي القريب الى ديانا ونصعد نفس درجات السمسم والزعتر ثم أشاهد الممرضة المخيفة بنظارات كعب القنينة وأسأل نفسي لماذا أعيش ؟ ثم أتذكر أن ثمة حلقة معادة من "حارة أبو عواد" بطولة نجمتي المفضلة آنذاك "عبير عيسى" ... مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة..وهذا ما يسمونه في قواميس أيامنا هذه ...العجز...وفي تلك الأيام بداية "الكفر"..
4
العجز وابو عواد وعبير عيسى وحمام الهنا و"بربار نحماد" و"بيت فيستوك"...عن أي عجز أتحدث ..كنت أصاب بالحمى* والآلام المبرحة كل أسبوعين ونصف وكنت استيقظ باكرا مع الوجع فيقرر والداي انني سأبقى في البيت ذلك اليوم أيضا..ولم يكونوا بحاجة لكثير من المبررات لذلك...فقد كنت أتوجع بحق..كنت أتناول الحليب وقرشلة حماد ثم أتقيأهما مجبولين ببعض ثم أقضم خبزا عربيا وجبنة صفراء وأتقيأهما هم أيضا ثم ينتهي كل شيء عند حافة الزيت والزعتر والخبز الإفرنجي المحمص...ثم تلك النزهة اليومية مع الكلب المتخيل الى صندوق المرضى حيث السمسم والزعتر والممرضة المرعبة ... مع أننا كنا نخرج من هناك دون إجابة...عن أي عجز أتحدث..
5
مع أنني كنت أكره المدرسة كرها أسودا لا زال يطاردني في الأحلام حتى الآن... إلا أن الشعور بأنني في عز الظهيرة كنت أطارد مع أمي ذلك الكائن الذي يدعى "لا إجابة" شكل جانبا من منظومة مخاوفي المتشابكة ..قرب سريري لا يوجد أولاد فهم في المدرسة..في نزلة إدمون شحادة لا يوجد أولاد لأنهم في المدرسة في بولس السادس لا أولاد فهم في المدرسة ..في الوادي الجواني لا أولاد لأنهم وراء أسوار المدرسة الإعدادية الجماهيرية الدمقراطية على أطراف الشارع..فهم في المدرسة وانت لا ..ولكنك تكره المدرسة تكرها كره "العمى" وتنتظر أن تكبر وتصبح كاتبا مشهورا يعيش في المدينة الكبرى ويضاجع كل شيء حوله ويسافر ويسكر ويسهر ويلبس ويأكل السوشي والتاباس ويعرف الفرق بين البيسترو والبراسيري ...إذا لماذا هذا الشعور الجارف بالعجز...أكره الكحول أيضا...
6
العجز..وما هو العجز ...أهو ذلك الشعور بالإقصاء...جميع الأولاد بالمدرسة وأنا عند درج السمسم والزعتر مع أنني أكره المدرسة...أم هو ذلك الشعور بالخيبة من العيش ..بمعنى آخر عندما كنا نخرج من هناك دون إجابة...
7
صرت اصطحب امي كل ظهيرة أحد الى صندوق المرضى ذاته بعد مئة سنة بعد أن أصبح الباب كهربائيا ..غاب بائع الكعك بسمسم عن دوامه الزعتري اليوم..يوم قائظ في قلب الشتاء... انتظر المطر في عربتي الفارهة ..أراقب عبر الزجاج... يدخل الناس الذين غادرتهم ثم يعودون بعدها دون تعابير دراماتيكية تذكر...لا يخرج أحد من صندوق المرضى وهو ثائر أو يبكي او يلطم او يلقي بنفسه تحت عجلات باص البلد الأبيض والأخضر...هذه المرأة مقيمة في كوخ ديلوكس في صندوق المرضى منذ مئات السنين وهذا الرجل..لا غير معقول ..لماذا تغير الى هذا الحد إنه زميلي من مقاعد الدراسة الإبتدائية (هذا عندما كنت اذهب أصلا) اصبح بشعر أبيض خفيف جدا وبدن هزيل بكرش لا تنتمي ابدا للجسد المعلقة علية ...معصم نحيل ..بنطلون جينز مهتريء قميص "بولو" مزيف لم يغسل منذ دهور..صندل مقشر ..عيون ميتة ..كان لا يغيب ابدا عن المدرسة..يصعد صاحب الصندل الدرج ..لا يبحث عن بائع السمسم والزعتر ...تبتلعه الأبواب الكهربائية...يدخل الناس ويخرجون بلا إجابات ...هذا ما كنت اهرب منه منذ دهر..افتح باب عربتي ..اخرج منها...لقد أصبحت قريبا جدا!!
*ملاحظة: مع نهاية مرحلة المراهقة شخص الأطباء الحالة على انها "حمى البحر الأبيض المتوسط" المعروفة ب-FMF.
الخميس، 28 أكتوبر 2010
أي شو هالخنقة هاي؟
يعني بكفيش شباب عرب ال48 او سموهن متل ما بدكوا مش فارقة ع طيزي..بطلت فارقة عنجد بكفيش العنصرية اللي بواجهوها ومستقبلهن المظلم وصعوبة انهن يلاقوا شغل وسكن وحياة أقل ما يقال عنها طبيعية ...وبكفيش كمان القوانين الفاشية اللي نازلة ترف عليهن كل يوم ..لأ شو؟ والجماعة باورشليم القدس قايمين بواجبهن وزيادة يعني شو بدي أقول..مبدعين حقيقيين بصياغة القوانين والتفنن فيها وبالكراهية اللي طالعة منها ..وبكفيش انو هالشباب المساكين بيضطروا كل يوم يمرقوا من جنب قراهم المسروقة ابا عن جد واحيائهم اللي ساكنين فيها ناس مقاطيع من آخر ما عمر الله ..من أستونيا قلك ..من وين طلعتلنا هاي البلاد فجأة ولا لتوانيا ولا هديك شو أسمها..آه روسيا البيضاء بيلاروس..بكفيش انهن شايفين الغربا بستمتعوا بخيرات بلادهن ومقدراتها وهن ساكتين وراضين لأن فش عندهن خيار تاني ولا تالت تيقدروا يتعلموا ويشتغلوا ويتطوروا ويعيشوا عاد زي مساخيط ربنا اللي بكل العالم الحر والكر ...بكفيش انهن محبوسين هون لأ وكمان الحركات الأصولية (الإسلامية والمسيحية احسن ما حدا يبدا يبرطم ويبربر) وكمان القومجيون الجدد اللي بدال ما يقترحوا مشروع تحرري للفرد أولا عشان يقدر الجموع يتحرر عاملين العكس ..شو الجماعة مش مقصرين كابسين على انفاس هالشباب!!أما شو كبسة أخت شلن ..يعني خنقة من اللي قلبكو بعجبو...المساكين بدال ما يشموا شوية هوا نقي ويفرفشوا عن حالهن ...لاحقين عالهم مهو معبى بقناني وبينباع ببلاش بسوبر فارم قال شو بوخدوهن على قرى مهجورة ومهدمة وملانة حيايا وعقارب وعظام ميتين صارت عظامهن مكاحل وبصراحة تريحوا وريحوا ..طب ماهي هالقرى هاي مصمودة قدامهن بالروحة وبالجية ليل نهار وبصراحة هي انسب مكان الواحد يروح يختلي فيو برفيق/رفيقة لذتو ...بتعرفوا الشاب عنا فش عندو احتياجات عاطفية ولا جنسية ..فش وقت إحنا شعب رهبان وراهبات أقدس من هاي التفاهات اللي استوردناها من الغرب ...شو جنس ما جنس...هاي أمور دخيلة على مشهدنا الفلسطيني وكمان نستخدم أسماء أماكن الها تاريخ ..لا عنجد هاي جريمة !!! ومثليون؟؟ شو القرف إحنا معناش مثليون إحنا شعب متمنع جنسيا ..يعني الشاب لو عارف يتسخم ويختلي مع صاحبتوولا صاحبو بالبيت او بشي محل زي الخلق..بطلعش معها بالسيارة عاحراش صفورية المهجرة أو معلول الصامدة...حجارتها..! ما علينا ولا الواحد بلحقش هيك يفرفش ويشوف شبابو زي الناس قبل الإمتحانات ولا قبل يوم طويل تحت أشعة شمس بلادنا المشحرة وهو يطوبر ويحمل حجارة ولا بطلعولك ..اليوم إضراب وبكرا ذكرى هاي المجزرة وبعد بكرا هديك واليوم هديك المجزرة ذكرى سقوط يافا وبكرا حيفا وبعدو بيسان ماهي حياتنا مجزرة مستمرة لشو نضل نجتر فيها..اي هو لو جدودنا عرفوا يحافظوا عهالبلاد كنا تسخمنا هالتسخيمة..وكل هدا بكفيش يعني وإذا الشاب كان محظوظ ولقالو شي شغلة منيحة بتل أبيب مع سكنة زي الكلاب بجنوب المدينة مع شوية حرية مسموح يعمل هيك ! بس عشرط ..(القومجيون الجدد بدعوا لإنخراط الأكاديميين العرب في الشركات الكبرى اللي معظمها بتل ابيب والقدس الغربية بس الجماعة ماقترحوش الية لهالموضوع) ممنوع يدخل كلمات عبرية بحكيو ..اي .شو هو سوبرمان واحنا مش عارفين..يعني بدو يروح يبكي عند موظفة البنك ويقولها ارجوكي ارفعيلي سقف الإعتماد تبعي أو أرحموني من قرض الإسكان اللي ورطوني فيو –الموظفة راح تفكروا بتحركش فيها جنسيا..ولا هاي كلمة "ريموت كونترول" واللة اذا حدا قالي اعطيني "البسطور" بتشكى عليه لليسام! بكفيش التفرقة العنصرية والتعتير والقهر والكبت والبطالة ..كمان اذا هالشب قال "بسيدر" ببطل عربي نظيف بيصير زي ما ولاد عمنا بعشقوا يوصفونا "عربي وسخ" ..وهيك بيصفصفوا العرب النظاف الوحيدين هم مجاهدي الجمعيات الأهلية بالناصرة وحيفا اللي يا حرام!!بيجاهدوا عالطيارات اللي مقلعة عالمؤتمرات واللي هابطة منها...اللي مقلعة عالمؤتمرات واللي هابطة منها! لأ وشوه هدول بلحقوش يقطعولك محسوم قلنديا عرام اللة الأبية أو بروحوا ععمان او عمصر او عتونس وببلشوا يقدموا كشوفات اعتذار وهشت بالجملة وتخوين ببعضهن البعض ! إحنا منحكيش مع يهود، منعرفش عبراني، منرحش عتل ابيب ، حيفا مرشومة عرب قوميين، الإسرائليين؟؟ ياي قرف منعرفش عنهم إشي ؟ منشتريش منهن؟ امهاتنا بعملوا الجبنة والخبز والزعتر بالمزرعة الجماعية ، والجمعيات الأهلية بتصرف علينا مش مخليتنا عاوزين إشي..هاريتنا مجدرة...وتسألوش عالضراط مش ملحقين!
الاثنين، 11 أكتوبر 2010
أسمع الأخرين يتحدثون عن رائحة التراب في الشتاء الأول
1
أسمع الأخرين يتحدثون عن رائحة التراب في الشتاء الأول ، ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات شعائر القيظ أم أن النواحي الشعرية باتت مفتوحة الفرج لمن هم سواي فقط...أسمع الأخرين يتحدثون فيما بينهم عن رائحة الشتاء الأول ووجوب شرب زجاجة نبيذ أخرجت لتوها من قبو منسي –أه لحظة- ودلق أول رشفة منها على حلمة الحبيب وتذوق الفرق..ولا أفهم..أأنا لوحدي من يجلس بدل ذلك ويحسب كم تستغرق المسافة بدقة غير متناهية بين شجرة جافة تحتضر من الفناء والغياب وبين شجرة بدات تتحتضر هي الأخرى من شدة الفيض وزحام المرايا... ..(لحظة) كما ان لا زجاجة نبيذ مناسبة في هذا القبو الذي ورثته عن ملاك متخفي..والزجاجة التي تستلقي فيه عصية على الفتح وقد تستدعي حسابات طويلة يكون المطر الأول قد مضى ندما خلالها وهجمت الشمس الحارقة بما فيها من سخرية سوداء ليعود المطر الثاني بعد أن يكتسب صفة "العالة"..ها أنا أسمع الديدان تتراقص صفوفا صفوفا فرحا برطوبة التربة ، ابتهاجا بالمطر الأول ..ولا أفهم..هل أنا من أخطا في حساب المسافة بين اسفل عنقك وهذا المعول...
2
اسمع الأخرين يتحدثون عن زحمة الأوراق المتراصة على الرصيف بعد الشتاء الأول ..ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات نظريات التساقط أم أن رياح الخريف تهب في نواح لا تصطف فيها الأسئلة خيوطا متناسلة..أسمع الأخرين يتحدثون فيما بينهم عن قصائد الحب التي ترسمها الأوراق المتراصة عند زحمة الرصيف بعد الشتاء الأول بيوم واحد واهمية تغطية جسد الحبيب بتلك الأوراق الرطبة الترابية كي يفر عفريت الغيرة الى لا رجعة.. ولا أفهم..أأنا لوحدي من يجلس بدل ذلك ليحسب كم تستغرق المسافة اللازمة لاجتياز دربا يبدأ بورقة واحدة متساقطة وينتهي بسيول من الندم لا تتوقف..(لحظة) كما ان لا قارورة زيت مسحور تستحق كل هذا الثمن في القبو الذي ورثته عن احتمال جدتي.. أما القارورة التي تستلقي في زاوية التبول فهي تحوي رسالة نسخها صبي في الثامنة من كتاب " الموطن" موطنه، ها أنا أسمع الطحالب تتراقص دوائر دوائر احتفالا ببشائر الدمع.. ولا أفهم..هل أنا من أخطا في حساب المسافة بين إظفري وحواف ظهرك..
3
أرى الآخرين يدونون أصوات المزاريب بنوتات موسيقية على الأرض الرطبة في الخارج بعد الشتاء الأول..ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات هندسة الخشوع الشتائي المداهم أم أن سمفونية المزاريب تفوق صياح ديك آيل للذبح في تجريحها..أرى الآخرين يجلسون على مقاعد قديمة في حدائق الغياب لوحدهم يعدون الغيوم الرمادية المتدافعة من بين أنامل آلهتها ويبتكرون أحدث طرق الإنتحار وأشجاها ليدسونها في أوراق بنية فاتحة لن يقرأها سوى ظلهم المالح..ولا أفهم .. أأنا لوحدي من يكتب نثرا عن نغمات احتكاك السراويل بأفخاذ صلبة، طرية شقية تبحث عن مرتع ترتطم فيه بمرايا الدنس.. ..(لحظة) كما أن لا غيم في القبو الذي ورثته عن رجل الصورة ..في القبو صور لناس غابوا . غاب.أكثرهم ...لم يبق أحد بحق..في القبو شمعدانات لم يضع احدا فيها شموع المطر الأول منذ قرون ..وفي القبو ماكينة حياكة "سينجر" نسي الغازون إدخالها ضمن قوائم غنائمهم المعنوية..وفي القبو مقص...شكلت فيه سيدة هيئة سحرها الأخير..وفي القبو..دمية شقراء كنت قد نسيتها منذ عام 1982 هناك..ولكنها لم تتوقف عن ملاحقتي في كل قبو حللت فيه..في القبو صورة قديمة لعائلة اختفت على ضفاف بحيرة طبريا..ولا أفهم..هل انا من أخطأ في حساب المسافة بين شهوتك وتقشر جلدي...
(الناصرة)
أسمع الأخرين يتحدثون عن رائحة التراب في الشتاء الأول ، ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات شعائر القيظ أم أن النواحي الشعرية باتت مفتوحة الفرج لمن هم سواي فقط...أسمع الأخرين يتحدثون فيما بينهم عن رائحة الشتاء الأول ووجوب شرب زجاجة نبيذ أخرجت لتوها من قبو منسي –أه لحظة- ودلق أول رشفة منها على حلمة الحبيب وتذوق الفرق..ولا أفهم..أأنا لوحدي من يجلس بدل ذلك ويحسب كم تستغرق المسافة بدقة غير متناهية بين شجرة جافة تحتضر من الفناء والغياب وبين شجرة بدات تتحتضر هي الأخرى من شدة الفيض وزحام المرايا... ..(لحظة) كما ان لا زجاجة نبيذ مناسبة في هذا القبو الذي ورثته عن ملاك متخفي..والزجاجة التي تستلقي فيه عصية على الفتح وقد تستدعي حسابات طويلة يكون المطر الأول قد مضى ندما خلالها وهجمت الشمس الحارقة بما فيها من سخرية سوداء ليعود المطر الثاني بعد أن يكتسب صفة "العالة"..ها أنا أسمع الديدان تتراقص صفوفا صفوفا فرحا برطوبة التربة ، ابتهاجا بالمطر الأول ..ولا أفهم..هل أنا من أخطا في حساب المسافة بين اسفل عنقك وهذا المعول...
2
اسمع الأخرين يتحدثون عن زحمة الأوراق المتراصة على الرصيف بعد الشتاء الأول ..ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات نظريات التساقط أم أن رياح الخريف تهب في نواح لا تصطف فيها الأسئلة خيوطا متناسلة..أسمع الأخرين يتحدثون فيما بينهم عن قصائد الحب التي ترسمها الأوراق المتراصة عند زحمة الرصيف بعد الشتاء الأول بيوم واحد واهمية تغطية جسد الحبيب بتلك الأوراق الرطبة الترابية كي يفر عفريت الغيرة الى لا رجعة.. ولا أفهم..أأنا لوحدي من يجلس بدل ذلك ليحسب كم تستغرق المسافة اللازمة لاجتياز دربا يبدأ بورقة واحدة متساقطة وينتهي بسيول من الندم لا تتوقف..(لحظة) كما ان لا قارورة زيت مسحور تستحق كل هذا الثمن في القبو الذي ورثته عن احتمال جدتي.. أما القارورة التي تستلقي في زاوية التبول فهي تحوي رسالة نسخها صبي في الثامنة من كتاب " الموطن" موطنه، ها أنا أسمع الطحالب تتراقص دوائر دوائر احتفالا ببشائر الدمع.. ولا أفهم..هل أنا من أخطا في حساب المسافة بين إظفري وحواف ظهرك..
3
أرى الآخرين يدونون أصوات المزاريب بنوتات موسيقية على الأرض الرطبة في الخارج بعد الشتاء الأول..ولا أفهم أأنا من أخطأ في حسابات هندسة الخشوع الشتائي المداهم أم أن سمفونية المزاريب تفوق صياح ديك آيل للذبح في تجريحها..أرى الآخرين يجلسون على مقاعد قديمة في حدائق الغياب لوحدهم يعدون الغيوم الرمادية المتدافعة من بين أنامل آلهتها ويبتكرون أحدث طرق الإنتحار وأشجاها ليدسونها في أوراق بنية فاتحة لن يقرأها سوى ظلهم المالح..ولا أفهم .. أأنا لوحدي من يكتب نثرا عن نغمات احتكاك السراويل بأفخاذ صلبة، طرية شقية تبحث عن مرتع ترتطم فيه بمرايا الدنس.. ..(لحظة) كما أن لا غيم في القبو الذي ورثته عن رجل الصورة ..في القبو صور لناس غابوا . غاب.أكثرهم ...لم يبق أحد بحق..في القبو شمعدانات لم يضع احدا فيها شموع المطر الأول منذ قرون ..وفي القبو ماكينة حياكة "سينجر" نسي الغازون إدخالها ضمن قوائم غنائمهم المعنوية..وفي القبو مقص...شكلت فيه سيدة هيئة سحرها الأخير..وفي القبو..دمية شقراء كنت قد نسيتها منذ عام 1982 هناك..ولكنها لم تتوقف عن ملاحقتي في كل قبو حللت فيه..في القبو صورة قديمة لعائلة اختفت على ضفاف بحيرة طبريا..ولا أفهم..هل انا من أخطأ في حساب المسافة بين شهوتك وتقشر جلدي...
(الناصرة)
الثلاثاء، 17 أغسطس 2010
تلك الروائح
1
نجلس أنا وأمي في العربة…
نستقلها إلى المَشفى أو إلى المصحّ أو إلى حيث يتجمّد الزمان ثم ينام طويلا ويستيقظ فجأة ليقهقه… هذا ما تركه لي جدّ جدّ جدّي المنحدر من جبل لبنان، ذلك الطرف الذي يلامس البحر ولا يشرب سوى خديعة شكله وهول رطوبته… ها نحن قد ارتدينا أجمل ملابسنا الأوروبية (في حالتي) والأمريكية (في حالة أمي)؛ أما أنا فتعطّرتُ لأوّل مرة بعطر فرنسيّ جميل تلقيته هدية من أغلى ما لا أملك –لا أحد يصدق أنني أكره العطور الفرنسية وأُفضّل الإيطالية- أما أمي فقد ارتدت هي أيضًا أجمل ما لديها… أجمل ما أحضرت معها من الشام قبل مئات السنين.. تلك الحاجيات وشتلة الياسمين التي تمتدّ وتمتدّ وتكاد تبتلع لنا “أرض الديار”، حتى بحرة الماء التي تنتظر جدتي في وسط الدار كي تعود من الموت لتسقيها…
اغتالها الياسمين.. تتعطر أمي بخلاصة الياسمين من قارورة نحاسية تناقلتها البنات ولا ينتهي السّائل الشفاف الذي بداخلها كما أنه لا يتعكّر أو يكتسب شكلاً غمائميًا. نخمد أنا وأمي حرائق الحرّ المُهلك في غابة ما تبقى لنا.. فتمتصّ ملابسنا الأنيقة وملامحنا المتوسّلة إلى تصنيف.. كلّ الرماد ومخلفاته وكل ما لم يحترق من جزيئات عصية.. نخمد الحرائق ونتّشح بسوادها.. ها نحن نكتسب أخيرًا تصنيفًا ما… فكلّ شيء له ثمن كما يقول الكليشيه الممجوج والمبتذل… وثمن اكتساب ملامح متناغمة مع المحيط هو الغوص في مستنقع لا تذوب حرائقه ولا تفنى..
نجلس أنا وأمي في العربة…
وتسأل نفسها او تسألني.. في نفس النقطة التي أتوقع أن تفعل هذا:
أوووف… ما هذه الروائح الكريهة؟
2
ما هذه الروائح الكريهة؟
هل تسألينني أنا؟ أم تسألين نفسك؟ وفي حال كنت تسألينني أنا بصفتي أباك الجديد الذي يعرف كافة الأجابات والتفسيرات لكلّ الأسئلة والمعضلات ودوافع الشرّ والشرذمة والقتل والقهر والبؤس والشقاء و.. و.. كيف أقولها كي لا أبدو كالمُولولات في الأفلام المصرية.. عدم تقسيم السّعادة بشكل متوازن. بمعنى نزع كل شيء من شخص وإلقاؤه وحيدًا في مكان كذلك الذي نحن في طريقنا إليه الآن.. هل تفهمين من أين تنبع أو تنبثق أو تتمَوْسق تلك الروائح الغريبة التي هي خليط من أعشاب محروقة وجثث متحللة بسرعة مذهلة؟ هل تريدنني أن أجيبك بطريقتي؟ بطريقة الأب المستحدث.. وإن كنت تسألينني فهذا يعني أنك تتقبلين كل شيء فيّ وعني.. تتقبلينني وهذا خيارك.. وإلا فلا تسأليني ولنَمْضِ سوية صامتيْن في طريقنا لننبش في أكوام ما أبقاه لنا أبونا الحقيقيّ من تركة نتنة..
خوفي من العمر والتجاعيد على وجهي ومن المرض والعقم والعجز والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان والتذكّر المفرط وخوفي من الحقيقة ومخلفاتها وخوفي من الغرباء والدين والمُنقبات والشرطة والجيش والشاباك وخوفي من ارتطام سيارتي بشاحنة واختفائي تحتها
إنها رائحة هذه الكلاب السّائبة التي ماتت عطشًا في هذه الجهنم وتركت أجسادها مُلقاة على الأرصفة، منفوخة وتنتفخ كلّ يوم أكثر وأكثر كلما مررت قربها.. لا ترحم الشمس أبدانها، تنهال عليها من دون حساب تنخر في جلدها وتكوّن ثقبًا في أسفل البطن يتسع ويتسع ويتسع كلما مررت من هنا ويفرز دماءً متخثرة وعصاراتِ أحشاء ومكوّناتٍ أكثر وأكثر مما أعرف… وإنها رائحة العرق البشريّ المتراكم فوق أتربة الحيرة؛ أنهار من العرق تتدفق الآن من وراء الحدود نحو حقول القش الميتة التي حولنا.. أعرف أنك قد تقولين لي إنّ ثمة مزيلات للعرق (ديودورانت) وإنّ النساء غير مُجبرات على ارتداء الأسود في هذا الحرّ الفظيع.. وأنه في أيامكم لم يكن هنالك حجاب.. وأنك تشعرين بأنّ هذا ليس زمنك/زمننا وأنّ شيئا ما قام بخيانتك.. ولكن هذه الرائحة قد تكون لأشخاص قُتلوا وتم إخفاء جثثهم في الآبار.. ولم يلحظ أحد غيابهم… تلاشوا هكذا وبقيت رائحتهم.. إنها الرائحة الكريهة لبلادنا.. وبلاد الآخرين.
3
نمُرُّ من نفس النقطة عائديْن مُغبرّيْن برماد الخسائر.
ما هذه الروائح الكريهة؟
إن كنت تُصرِّين على أنني أبوكِ.. ومعنى هذا أنك تتقبلين كل شيء مني.. تتقبلينني كما أنا.. فاقول لك إذًا: إنّ تلك الروائح هي روائح خوفي.. خوفي من العمر والتجاعيد على وجهي ومن المرض والعقم والعجز والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان والتذكّر المفرط وخوفي من الحقيقة ومخلفاتها وخوفي من الغرباء والدين والمُنقبات والشرطة والجيش والشاباك وخوفي من ارتطام سيارتي بشاحنة واختفائي تحتها.. خوفي من الطريق وانفجار الإطار والعمر والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان في وجهي.. خوفي من الحاجة والاحتياج. خوفي من احتياجك لي واحتياجي لك.. أو عدم احتياجي.. أو عدم احتياجك..
إفتحي قارورة الياسمين الدمشقيّ يا أمي..
نجلس أنا وأمي في العربة…
نستقلها إلى المَشفى أو إلى المصحّ أو إلى حيث يتجمّد الزمان ثم ينام طويلا ويستيقظ فجأة ليقهقه… هذا ما تركه لي جدّ جدّ جدّي المنحدر من جبل لبنان، ذلك الطرف الذي يلامس البحر ولا يشرب سوى خديعة شكله وهول رطوبته… ها نحن قد ارتدينا أجمل ملابسنا الأوروبية (في حالتي) والأمريكية (في حالة أمي)؛ أما أنا فتعطّرتُ لأوّل مرة بعطر فرنسيّ جميل تلقيته هدية من أغلى ما لا أملك –لا أحد يصدق أنني أكره العطور الفرنسية وأُفضّل الإيطالية- أما أمي فقد ارتدت هي أيضًا أجمل ما لديها… أجمل ما أحضرت معها من الشام قبل مئات السنين.. تلك الحاجيات وشتلة الياسمين التي تمتدّ وتمتدّ وتكاد تبتلع لنا “أرض الديار”، حتى بحرة الماء التي تنتظر جدتي في وسط الدار كي تعود من الموت لتسقيها…
اغتالها الياسمين.. تتعطر أمي بخلاصة الياسمين من قارورة نحاسية تناقلتها البنات ولا ينتهي السّائل الشفاف الذي بداخلها كما أنه لا يتعكّر أو يكتسب شكلاً غمائميًا. نخمد أنا وأمي حرائق الحرّ المُهلك في غابة ما تبقى لنا.. فتمتصّ ملابسنا الأنيقة وملامحنا المتوسّلة إلى تصنيف.. كلّ الرماد ومخلفاته وكل ما لم يحترق من جزيئات عصية.. نخمد الحرائق ونتّشح بسوادها.. ها نحن نكتسب أخيرًا تصنيفًا ما… فكلّ شيء له ثمن كما يقول الكليشيه الممجوج والمبتذل… وثمن اكتساب ملامح متناغمة مع المحيط هو الغوص في مستنقع لا تذوب حرائقه ولا تفنى..
نجلس أنا وأمي في العربة…
وتسأل نفسها او تسألني.. في نفس النقطة التي أتوقع أن تفعل هذا:
أوووف… ما هذه الروائح الكريهة؟
2
ما هذه الروائح الكريهة؟
هل تسألينني أنا؟ أم تسألين نفسك؟ وفي حال كنت تسألينني أنا بصفتي أباك الجديد الذي يعرف كافة الأجابات والتفسيرات لكلّ الأسئلة والمعضلات ودوافع الشرّ والشرذمة والقتل والقهر والبؤس والشقاء و.. و.. كيف أقولها كي لا أبدو كالمُولولات في الأفلام المصرية.. عدم تقسيم السّعادة بشكل متوازن. بمعنى نزع كل شيء من شخص وإلقاؤه وحيدًا في مكان كذلك الذي نحن في طريقنا إليه الآن.. هل تفهمين من أين تنبع أو تنبثق أو تتمَوْسق تلك الروائح الغريبة التي هي خليط من أعشاب محروقة وجثث متحللة بسرعة مذهلة؟ هل تريدنني أن أجيبك بطريقتي؟ بطريقة الأب المستحدث.. وإن كنت تسألينني فهذا يعني أنك تتقبلين كل شيء فيّ وعني.. تتقبلينني وهذا خيارك.. وإلا فلا تسأليني ولنَمْضِ سوية صامتيْن في طريقنا لننبش في أكوام ما أبقاه لنا أبونا الحقيقيّ من تركة نتنة..
خوفي من العمر والتجاعيد على وجهي ومن المرض والعقم والعجز والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان والتذكّر المفرط وخوفي من الحقيقة ومخلفاتها وخوفي من الغرباء والدين والمُنقبات والشرطة والجيش والشاباك وخوفي من ارتطام سيارتي بشاحنة واختفائي تحتها
إنها رائحة هذه الكلاب السّائبة التي ماتت عطشًا في هذه الجهنم وتركت أجسادها مُلقاة على الأرصفة، منفوخة وتنتفخ كلّ يوم أكثر وأكثر كلما مررت قربها.. لا ترحم الشمس أبدانها، تنهال عليها من دون حساب تنخر في جلدها وتكوّن ثقبًا في أسفل البطن يتسع ويتسع ويتسع كلما مررت من هنا ويفرز دماءً متخثرة وعصاراتِ أحشاء ومكوّناتٍ أكثر وأكثر مما أعرف… وإنها رائحة العرق البشريّ المتراكم فوق أتربة الحيرة؛ أنهار من العرق تتدفق الآن من وراء الحدود نحو حقول القش الميتة التي حولنا.. أعرف أنك قد تقولين لي إنّ ثمة مزيلات للعرق (ديودورانت) وإنّ النساء غير مُجبرات على ارتداء الأسود في هذا الحرّ الفظيع.. وأنه في أيامكم لم يكن هنالك حجاب.. وأنك تشعرين بأنّ هذا ليس زمنك/زمننا وأنّ شيئا ما قام بخيانتك.. ولكن هذه الرائحة قد تكون لأشخاص قُتلوا وتم إخفاء جثثهم في الآبار.. ولم يلحظ أحد غيابهم… تلاشوا هكذا وبقيت رائحتهم.. إنها الرائحة الكريهة لبلادنا.. وبلاد الآخرين.
3
نمُرُّ من نفس النقطة عائديْن مُغبرّيْن برماد الخسائر.
ما هذه الروائح الكريهة؟
إن كنت تُصرِّين على أنني أبوكِ.. ومعنى هذا أنك تتقبلين كل شيء مني.. تتقبلينني كما أنا.. فاقول لك إذًا: إنّ تلك الروائح هي روائح خوفي.. خوفي من العمر والتجاعيد على وجهي ومن المرض والعقم والعجز والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان والتذكّر المفرط وخوفي من الحقيقة ومخلفاتها وخوفي من الغرباء والدين والمُنقبات والشرطة والجيش والشاباك وخوفي من ارتطام سيارتي بشاحنة واختفائي تحتها.. خوفي من الطريق وانفجار الإطار والعمر والوحدة والفقر والعوز والألم والنسيان في وجهي.. خوفي من الحاجة والاحتياج. خوفي من احتياجك لي واحتياجي لك.. أو عدم احتياجي.. أو عدم احتياجك..
إفتحي قارورة الياسمين الدمشقيّ يا أمي..
الأربعاء، 28 يوليو 2010
بطاقة مبعوجة
ندخل الى السيارة .درجة الحرارة فيها 500 مئوية.زجاجة المياه المعدنية. تغلي . نظاراتي الشمسية التي اشتريتها من البواقي انبعجت. وكذلك بطاقة صندوق المرضى.يصرخ الجميع. علي أن أحل مشكلة الحرارة للكل.بأية طريقة ممكنة لا يهم فكل شيء متعلق بي وبإرادتي . فأنا صاحب الحلول.تعتقد المرأة الجالسة قربي أن في داخلي مكيف. يخرج منه الهواء المثلج النقي والمنعش ويخترق أذناي وفمي وأنفي و..و. .كما تعتقد الكلبة الجالسة في الخلف أنني بمجرد ملامستها وجعلها تلعق أذني فسيتساقط ثلج بلوري ساحر .أشغل المكيف رحمة بالعباد.كالعادة أو بالطبع تقول لي المرأة التي تجلس بجانبي أن التكييف عالي وأنها تكاد تموت من البرد. نخرج من الموقف أو نود الخروج منه. لا سبيل. لقد أضعت بطاقة الدخول وبالتالي علينا قضاء ما تبقى من حياتنا في هذا المرآب المداهم. يصرخ الطفل من وحشة العتمة والهواء الفاتر المنفلت من صهاريج السيارة.ثم تبول الكلبة على أرضية السيارة الجديدة، ويمر عشرون عاما...ندخل المجمع التجاري أو المول أو الكنيون بلغة الإحتلال التثقيفية. الهي ما هذا العدد من الأطفال. كيف تساقطوا في هذا الفضاء. واو.. وأخير هواء تكييف طبيعي غير مجبول بغازات الإبادة الجماعية المتدافعة من المحركات. يمتلئ المكان بالآباء المرهقين الذين يبحثون عن أقرب سكين يقطعون به شرايين معاصمهم الهشة أصلا.يتدافع الأطفال. وتكاد الأمهات تقتل واحدة الأخرى من الغيرة وفنون المقارنة . ولا تتنازل أي واحدة منهن عن حشر ذاتها في حفاضات الطفولة المستعملة.أسمع ضجيجا من بعيد..صراخا . يقولون بأن أحد الإباء أصيب بانهيار عصبي مفاجئ...داني. كفى كفى كفىىىىىى . نشتري بالونات فتتفجر في وجوهنا. نشتري ماكدونالدز هابي-ميل. نلقي قطعة اللحم المقرفة في وجه با با .ونلهو ب"شريك" وعصابته. يعتقد البائع في ماكدونالدز انني اعتقد وانني مؤمن بأعمق حالات إيماني أن الدمية الوحشية المرفقة بالهابي ميل..هي هدية! نشتري بوظة نلعق منها قليلا . تستقر نصف كرة من البوظة عند حواف شعيرات صدري.لا أعرف كيف وصلت الى هناك. تستقر ثم تدووووووووووووب. ندخل منطقة الألعاب. أحاول تحييد تفكيري الجرثومي قليلا .لا استطيع. كل هذه الألعاب مليئة بالجراثيم . أقف بعيدا . تقول لي الكلبة . كل شيء في عالمنا هذا مليئا بالجراثيم ..حتى أنا! هل تصدق ذلك؟ حتى أنا! يتزاحم الأطفال حول تماثيل الألعاب التي تشغل بالشيكل ..يطلب مني طفلي او يأمرني ان نتوجه للعبة الحصان .نذهب الى هناك . يعمل هذا الحصان بشيكلين وليس بشيكل واحد. ادخل قطعة 2 شيكل جديدة. فيلفظها الحصان. تقول لي إحدى الأمهات التي تملؤها الطاقة أنه علي أن أحول القطعة الى 2 شيكل منفصلة كي تتحرك اللعبة.أبدأ رحلة البحث...حدا يعطيني ورقة...حدا يعطيني ورقة ...على رأي فيروز في مسرحية "المحطة ". في هذه الأثناء يضيع كل من/ما كان معي بما في ذلك هاتفي الخلوي..الخليوي ..النقال ..الجوال..المحمول..الموبايل..المتحرك..أو البيليفون بلغة الاحتلال التثقيفية. يبكي طفلي قرب الحصان. علي إنشاء مجموعة بالفيسبوك لحل معضلة تشغيل الألعاب بقطع 2 شيكل منفصلة. أعود بالقطع المعدنية. أحاول تشغيل الحصان . أحمل طفلي وأثبته على ظهر الحصان . يبدأ بالتململ ..ثم بالاستغاثة..بخاف ...بخاف...
بعد لم الشمل ...ننتظر المصعد ننتظر وننتظر..يصل المصعد حيث ننتظر ولكنه لا يقف ..يلهو به الشبان المراهقين. فيصعد..ويهبط..ثم يصعد مرة أخرى..تقول امرأة عربية ستينية متعجرفة لإبنتها/ كنتها(والفرق شاسع) ..شو هدا القرف عندكو ، بأميركا مش ممكن يصير هيك. عنا باميركا ...المحلات أنظف..والبوظة اطيب..والأكل ببلاش ومرمي بالشوارع...وعنا بأميركا الأطفال مؤدبين..والكلاب بيعملوش بي بي وكاكي من أصله..ويصل المصعد... ندخل الى السيارة..الرطوبة الف بالمائة ..يطلب مني الجميع ايجاد حلا فوريا للمشكلة ..أفكر بكتابي الجديد..والسيناريو السينمائي الذي أكتب ..والنص القادم..والمقالة التي طلبوا مني كتابتها في برلين. ومشاريعي الخريفية الواعدة ...نغرق في مستنقع عرقنا...أشغل المكيف..واخيرا ماتت السيدة الجالسة بقربي من شدة البرد. لقد أضعت بطاقة الدخول مرة أخرى .كما ان بطاقة هويتي انبعجت وتحللت من شدة الحرارة والرطوبة. سنعيش هنا ..وتمضي عشرين سنة أخرى...
ما أتفه الصيف...
بعد لم الشمل ...ننتظر المصعد ننتظر وننتظر..يصل المصعد حيث ننتظر ولكنه لا يقف ..يلهو به الشبان المراهقين. فيصعد..ويهبط..ثم يصعد مرة أخرى..تقول امرأة عربية ستينية متعجرفة لإبنتها/ كنتها(والفرق شاسع) ..شو هدا القرف عندكو ، بأميركا مش ممكن يصير هيك. عنا باميركا ...المحلات أنظف..والبوظة اطيب..والأكل ببلاش ومرمي بالشوارع...وعنا بأميركا الأطفال مؤدبين..والكلاب بيعملوش بي بي وكاكي من أصله..ويصل المصعد... ندخل الى السيارة..الرطوبة الف بالمائة ..يطلب مني الجميع ايجاد حلا فوريا للمشكلة ..أفكر بكتابي الجديد..والسيناريو السينمائي الذي أكتب ..والنص القادم..والمقالة التي طلبوا مني كتابتها في برلين. ومشاريعي الخريفية الواعدة ...نغرق في مستنقع عرقنا...أشغل المكيف..واخيرا ماتت السيدة الجالسة بقربي من شدة البرد. لقد أضعت بطاقة الدخول مرة أخرى .كما ان بطاقة هويتي انبعجت وتحللت من شدة الحرارة والرطوبة. سنعيش هنا ..وتمضي عشرين سنة أخرى...
ما أتفه الصيف...
الثلاثاء، 13 يوليو 2010
مكعب
1
أدخل الى مكعب أو مستطيل مرتفع افتراضي مكيف ..تختزل فيه الساعات ذاتها وتتهاوى مستسلمة ..ألامس أطراف تلك البوابة الدائرية ..يسلمني الباب نحو الداخل أمانة ثمينة تتداول بأسرارها وأسرار الخليقة من وراء غشاء منسوج بالقليل من كل ما لا يلامس لذة وجعه . أخاف الإتصال بمن ينتظر متعرقا في الخارج فالمرايا هنا مصقولة بعناية زائفة .يسألني الحارس للمرة الألف: من أنت و.ألا زلت تصدق أكذوبة التاريخ هذه؟
2
بعد هذا ..اتذكر "ملحم بركات" لا أعرف لماذا ! أتذكر العزف في أسمه وأغانيه السبعينية قبل الحرب الأهلية أو بعدها ..لا أعرف ..لا يهم (بل يهم –تخيل أنه كان يغني لحبيبته التي اختفت في بيروت الشرقية هي وقصتهما خلف الحواجز الطائفية – دراما أهم واكثر وقعا من مجرد تأويلات رومانسية سخيفة) ماذا أسمع محتميا بهذا التكييف ؟ "وحدي أنا" أم "بين البيوت والقناطر" أم حبيتك وبحبك؟" فأنا لا أحب أغانيه الجديدة..يداهمني صوت ، يقتحم أسلاك سماعات أذني...ألا زلت تربط كل نغم تسمعه بأحداث هذه المنطقة العبثية السخيفة؟
3
في برج المكاتب المكيف هذا أسمع إذا "حبيتك وبحبك تيبطل الموج يركض ورا الموج وتخلص الساعات..." فجأة انظر أمامي ..كل من يجلس امامي وبجانبي ومن ورائي لن يفهم... هل سيفهم هذا الروسي الذي يجلس قبالتي والذي يدعي ان هذه بلاده، من اي كهف شمالي يخرج صوت ملحم بركات أم ان ذلك لم يعد مهما!..يهبط روح القدس على الروسي الهادئ (هدوءه مثير للقلق) الجالس أمامي والذي تتشابك سيقاننا بشكل غير مقصود كلما استعرنا غفوة قيظ عند اشلاء النهار..يتحدث الروسي فجأة بالألسن كما كان يعلمنا استاذ جورج في دروس الدين الموجهة جدا جدا...يقول لي تلميذ يسوع المستحدث ...الجديد وبالعربية ..الا زلت تؤمن أن أراضي صيدون وقانا تتاخم أراضي اليهودية ولاخيش وزفولون؟..
4
قبل هذا ...تتشابك السيقان و يبدو كل شيء مثل "غابه من السيقان" وهو ايضا فيلم مصري سبعيني (لدى حمى سبعينية غير واضحة المعالم حيث لم تكن المكيفات مفهومة ضمنا بحيث تفصل الحق عن العدل) ...سأحاول ان اسأل الجالس أمامي الآن إن كان قد شاهد "غابة من السيقان" هذا –عندما كانت السيقان العربية متاحة ومكشوفة في زمن الميني جوب ..أحاول أيضا أن أرسم في مخيلتي (في حال لم يعرف!) كيف تبدو غابة السيقان هذه ...ربما من الأفضل أن أساله إن كان يدرك الفارق بين الحق والعدل في برج المكاتب المكيف هذا.. ولكنني لا أعرف اسمه الحقيقي . يقول لي التلميذ مرة أخرى: الا تعرف أن الحق والعدل باتا واحدا وان القوي هو من يسن القوانين التي تصنع العدل أو أسوأ من ذلك "العدالة" ؟
5
ولكنني لا أعرف اسمه الحقيقي..ففي برج المكاتب المكيف هذا حيث لا أسماء حقيقية ...كل يغير اسمه واسم عائلته على هواه ووفق إحداثية وجوده وظروفها ..وهذا ما يحدث عندما تسأل احدهم ماذا يقربك فلان ..فيجيبك بدوره وبفخر كبير ..اه هذا ليس اسم عائلتي الحقيقي...عندما صعدنا الى البلاد نصحونا بتغيير أسمنا فغيرناه أو بالأحرى "عبرناه" وأصبح هكذا ...أما الأسم الشخصي فهو معبرن في أماكن وشوارع وبنايات وغير معبرن في أماكن وشوارع وبنايات أخرى..أما في ابراج المكاتب المرتفعة ..فإن الاسم الثلاثي يخضع للتأثير المضاعف لقوة التكييف (ضرب) ارتفاع الدور. الن تكف عن الإعتقاد السخيف والمبتذل أن أسماء الأشخاص التي تقال لك هي الأسماء الحقيقة ؟ الن تكف عن ذلك بربك(إن وجد)؟
6
أخرج من مكعب أو مستطيل مرتفع إفتراضي مكيف ..تختزل فيه الساعات ذاتها وتتهاوى مستسلمة ..ألامس أطراف تلك البوابة الدائرية ..يلفظني الباب الى الخارج ثم يصفعني هواء أو لا-هواء ساخن مثقل بالحقيقة والرطوبة الخانقة التي تنزف شرا ينتهك كل ما يحيا...يسألني شحاذ يسكن داخل حجر مقدسي متقن الصنع...ألا زلت تصدق تلك الكذبة؟
أدخل الى مكعب أو مستطيل مرتفع افتراضي مكيف ..تختزل فيه الساعات ذاتها وتتهاوى مستسلمة ..ألامس أطراف تلك البوابة الدائرية ..يسلمني الباب نحو الداخل أمانة ثمينة تتداول بأسرارها وأسرار الخليقة من وراء غشاء منسوج بالقليل من كل ما لا يلامس لذة وجعه . أخاف الإتصال بمن ينتظر متعرقا في الخارج فالمرايا هنا مصقولة بعناية زائفة .يسألني الحارس للمرة الألف: من أنت و.ألا زلت تصدق أكذوبة التاريخ هذه؟
2
بعد هذا ..اتذكر "ملحم بركات" لا أعرف لماذا ! أتذكر العزف في أسمه وأغانيه السبعينية قبل الحرب الأهلية أو بعدها ..لا أعرف ..لا يهم (بل يهم –تخيل أنه كان يغني لحبيبته التي اختفت في بيروت الشرقية هي وقصتهما خلف الحواجز الطائفية – دراما أهم واكثر وقعا من مجرد تأويلات رومانسية سخيفة) ماذا أسمع محتميا بهذا التكييف ؟ "وحدي أنا" أم "بين البيوت والقناطر" أم حبيتك وبحبك؟" فأنا لا أحب أغانيه الجديدة..يداهمني صوت ، يقتحم أسلاك سماعات أذني...ألا زلت تربط كل نغم تسمعه بأحداث هذه المنطقة العبثية السخيفة؟
3
في برج المكاتب المكيف هذا أسمع إذا "حبيتك وبحبك تيبطل الموج يركض ورا الموج وتخلص الساعات..." فجأة انظر أمامي ..كل من يجلس امامي وبجانبي ومن ورائي لن يفهم... هل سيفهم هذا الروسي الذي يجلس قبالتي والذي يدعي ان هذه بلاده، من اي كهف شمالي يخرج صوت ملحم بركات أم ان ذلك لم يعد مهما!..يهبط روح القدس على الروسي الهادئ (هدوءه مثير للقلق) الجالس أمامي والذي تتشابك سيقاننا بشكل غير مقصود كلما استعرنا غفوة قيظ عند اشلاء النهار..يتحدث الروسي فجأة بالألسن كما كان يعلمنا استاذ جورج في دروس الدين الموجهة جدا جدا...يقول لي تلميذ يسوع المستحدث ...الجديد وبالعربية ..الا زلت تؤمن أن أراضي صيدون وقانا تتاخم أراضي اليهودية ولاخيش وزفولون؟..
4
قبل هذا ...تتشابك السيقان و يبدو كل شيء مثل "غابه من السيقان" وهو ايضا فيلم مصري سبعيني (لدى حمى سبعينية غير واضحة المعالم حيث لم تكن المكيفات مفهومة ضمنا بحيث تفصل الحق عن العدل) ...سأحاول ان اسأل الجالس أمامي الآن إن كان قد شاهد "غابة من السيقان" هذا –عندما كانت السيقان العربية متاحة ومكشوفة في زمن الميني جوب ..أحاول أيضا أن أرسم في مخيلتي (في حال لم يعرف!) كيف تبدو غابة السيقان هذه ...ربما من الأفضل أن أساله إن كان يدرك الفارق بين الحق والعدل في برج المكاتب المكيف هذا.. ولكنني لا أعرف اسمه الحقيقي . يقول لي التلميذ مرة أخرى: الا تعرف أن الحق والعدل باتا واحدا وان القوي هو من يسن القوانين التي تصنع العدل أو أسوأ من ذلك "العدالة" ؟
5
ولكنني لا أعرف اسمه الحقيقي..ففي برج المكاتب المكيف هذا حيث لا أسماء حقيقية ...كل يغير اسمه واسم عائلته على هواه ووفق إحداثية وجوده وظروفها ..وهذا ما يحدث عندما تسأل احدهم ماذا يقربك فلان ..فيجيبك بدوره وبفخر كبير ..اه هذا ليس اسم عائلتي الحقيقي...عندما صعدنا الى البلاد نصحونا بتغيير أسمنا فغيرناه أو بالأحرى "عبرناه" وأصبح هكذا ...أما الأسم الشخصي فهو معبرن في أماكن وشوارع وبنايات وغير معبرن في أماكن وشوارع وبنايات أخرى..أما في ابراج المكاتب المرتفعة ..فإن الاسم الثلاثي يخضع للتأثير المضاعف لقوة التكييف (ضرب) ارتفاع الدور. الن تكف عن الإعتقاد السخيف والمبتذل أن أسماء الأشخاص التي تقال لك هي الأسماء الحقيقة ؟ الن تكف عن ذلك بربك(إن وجد)؟
6
أخرج من مكعب أو مستطيل مرتفع إفتراضي مكيف ..تختزل فيه الساعات ذاتها وتتهاوى مستسلمة ..ألامس أطراف تلك البوابة الدائرية ..يلفظني الباب الى الخارج ثم يصفعني هواء أو لا-هواء ساخن مثقل بالحقيقة والرطوبة الخانقة التي تنزف شرا ينتهك كل ما يحيا...يسألني شحاذ يسكن داخل حجر مقدسي متقن الصنع...ألا زلت تصدق تلك الكذبة؟
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)